وأحدث المستنصر بستانا خارج باب النصر، وأحدث أمير الجيوش سويقة فى أول الشارع الموصل إلى باب القنطرة، عرفت بسويقة أمير الجيوش، وعرف الشارع بشارع أمير الجيوش، ثم حرفته العامة بمرجوش.
[[عمارات الأفضل وعطاياه]]
وفى وزارة الأفضل أبى القاسم شاهنشاه بعد وفاة والده أمير الجيوش بدر الجمالى، بنيت دار الوزارة الكبرى، ومحلها الآن من حارة المبيضة إلى حارة الجوانية، واستمرت كذلك إلى آخر الدولة الفاطمية، وكانت تعرف بدار القباب.
وفى سنة إحدى وخمسمائة بنى الأفضل دار الملك بالساحل القديم للنيل بآخر مصر العتيقة، وانتقل إليها، وجعل بها محلا يجلس فيه، سمّاه مجلس العطايا، وأمر بتفصيل ثمانية ظروف من ديباج أطلس، كل اثنين من لون، وجعل فى سبعة منها خمسة وثلاثين ألف دينار، فى كل ظرف خمسة آلاف دينار سكبا وبطاقة بوزنه وعدده وشرابة حرير كبيرة. من ذلك ستة ظروف دنانير بالسوية عن اليمين وعن الشمال فى ذلك المجلس، وظرفان عند مرتبة الأفضل بقاعة اللؤلؤة، أحدهما دنانير والآخر دراهم جدد، فالذى فى اللؤلؤة برسم ما يستدعيه الأفضل إذا كان عند الحرم، والذى فى مجلس العطايا كان يصرف منه للشعراء، إذ لم يكن للشعراء فى الأيام الأفضلية، ولا فيما قبلها مرتبات على الشعر، وإنما كان الأمر أنه إذا اتفق أن السلطان طرب من شعر أحدهم واستحسنه أعطاه ما يسره الله على حكم الجائزة، فرأى القائد أن يكون العطاء من تلك الظروف، وكذا يصرف منها لمن يسأل الصدقة، وما ينعم به ابتداء من غير سؤال، وإذا انصرف الحاضرون أنزل المبلغ المنصرف فى البطاقة بخطه، وكتب عليه صح، وأحصى ما بقى، وأكمل الظرف وختم عليه، وهكذا.
وأنشأ الأفضل أيضا بظاهر القاهرة من جهتها البحرية بجانب الخليج الغربى منظرة البقل، وكانت فى المحل الكائن تجاه قنطرة الأوز، وأغلبها دخل الآن فى الترعة الإسماعيلية، وباقيها صار بعضه بركة، وبعضه تلا، وبعدها كانت منظرة التاج، ثم قبة الهواء، ثم منظرة الخمس الوجوه، وهى الأرض التى بيد الأمير إبراهيم باشا أدهم الآن من أرض مهمشا، وكان لكل منها بستان أنيق يطل على النيل، وأنشأ أيضا منظرة باب الفتوح خارج باب الفتوح فيما بينه وبين البساتين الجيوشية - ومحل هذه المنظرة الأرض المرتفعة التى بنيت فوقها المنازل فى وسط شارع أبى قشة بحرى الحمام الموجود فى الحسينية - وكانت من المناظر الفخيمة.
وكانت البساتين الجيوشية ممتدة، أولها من زقاق الكحل المعروف الآن بشارع الدشطوطى