وفى زمن محمد باشا الشريف سنة أربع بعد الألف، حصلت محاربات فى الرميلة وباب الوزير، وكذا فى زمن خضر باشا سنة سبع بعد الألف.
***
[مطلب حدوث شرب الدخان بمصر وبعض مفاسد الولاة الأتراك]
وفى زمن على باشا فشا شرب الدخان بمصر، ولم يكن معروفا بها قبل ذلك.
وفى سنة اثنتى عشرة بعد الألف، قتلت العساكر إبراهيم باشا الوالى، وصارت الحكومة فوضى، لا رئيس لها، فحل بالناس كل مكروه، وتعطل السفر برا وبحرا، لقيام الأشقياء من العرب والفلاحين، وحل بالقاهرة من القحط والغلاء والوباء، ما تسبب عنه خراب كثير منها.
وازداد الفساد فى سنة ست عشرة بعد الألف، وحصلت فى بركة الحاج حروب، بين عساكر الوالى والعساكر القائمة مع الأمراء العصاة، وفى كل وقعة تغتنم العرب فرصة النهب والسلب، وبعضهم يفرّ فى جهات الأرياف، والبعض ينتمى ظاهرا إلى إحدى الطائفتين واتسع نطاق فسادهم، وتقاسموا الأقاليم القبلية والبحرية.
وفى سنة سبع وعشرين وألف، حضر من الآستانة أربعة آلاف عسكرى أبعدتهم الدولة عن مقر الحكومة، لأنهم كانوا أثاروا بها الفتن، وأنفذت لوالى مصر أن يبعث بهم إلى اليمن عند حلولهم بديار مصر، فلما أراد الباشا إرسالهم إلى تلك الجهة وشرع فى تجهيزهم، قاموا على قدم العصيان، وقفلوا باب الفتوح وباب النصر، وعملوا متاريس بالطرق والشوارع، واستولوا على كثير من المنازل، ووصلوا بعضها ببعض، فوجه إليهم الباشا العساكر المصرية، ووقع بين الفريقين القتال عدة أيام، حتى انتهى بخراب جهة الجمالية والخرنفش وباب الشعرية والحسينية وما جاور ذلك، واستمرت الفتن بين العساكر إلى سنة خمس وثلاثين بعد الألف، بما يتخلل ذلك من الغلاء، كالغلاء الفاحش الذى حصل فى زمن إبراهيم باشا السلاحدار، فقد لقى الناس فيه هولا شديدا.
وفى سنة سبع وثلاثين وألف. زمن الوزير محمد باشا عين العساكر للسفر إلى بلاد الحبشة صحبة الأمير قانصوه، فعسكروا بالعباسية، وجعلوا يخطفون الأولاد والبنات ويفتكون بالمارين، ويسلبون وينهبون، حتى انقطعت الطرق، وضاق ذرع الناس، وحل بهم الكرب من كل مكان، ولم يجدوا مغيثا.