للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان صدرا من صدور زمانه معظما عند العلماء مقبول الشفاعة متقشفا ورعا دينا.

وله مؤلفات عديدة منها: الطبقات ذكر فيها شيوخه وعلماء عصره، وكان له اعتناء بالأسانيد ومعرفة موالد الشيوخ ووفياتهم، وأقعد فى آخر عمره وانقطع فى بيته، واجتمع عنده كتب جده شيخ الإسلام ومن بعده من أسلافه على كثرتها وأضاف إليها مثلها شراء واستكتابا. وكان حريصا على خطوط العلماء ضنينا بها ولما مات تفرقت كتبه شذر مذر، وكانت تباع بالزنبيل بعد أن كان يشح بورقة منها.

وبالجملة فكان من العلماء النزهين، وكانت ولادته سنة ثلاثين وألف تقريبا، وتوفى سنة اثنتين وتسعين وألف ودفن عند قبر جده القاضى زكريا انتهى.

ثم ان من حوادث جامع الإمام الشافعى ما فى تاريخ ابن إياس من حوادث سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة: أن بعض عساكر العثمانية هجمت على مقام الإمام الشافعى ، ونهبوا ما فيه من البسط والقناديل واحتجوا بتفتيشهم على الجراكسة، وكذلك فعلوا بمقام الإمام الليث انتهى.

وهو الآن فى غاية العمارية وإقامة الشعائر ويفرش بالبسط النفيسة، ولا تزال الزوار والوراد مزدحمين هناك خصوصا فى يوم الجمعة وليلة السبت التى هى ليلة حضرته؛ فيجتمع هناك من أول وقت العصر طائفة القراء يبتدئون فى القرآن فيقرءون بغاية الترتيل وشيخ القراء حاضر مستمع فإن فتر هو استمع غيره، وهو الذى يبتدئ القراءة ولا يزالون يتناوبون القراءة حزبا أو جزءا أو نحو ذلك حتى الصبح فيختمون ويقرءون توسلات وأدعية حتى تطلع الشمس، ولهم مرتبات من النقود شهريا ومن الخبز كل ليلة حضرة وهم نحو المائة غير الخدمة الملازمين، ويعمل للإمام كل سنة مولد حافل من أول شعبان إلى نصفه يوقد فى الليلتين الأخيرتين هناك شموع وقناديل كثيرة، ويمتلئ الجامع بمجالس القرآن وسحارات الفول النابت والخبز والقهوة فيقرءون ويأكلون ويشربون أكثر من يوم وليلة غير العزومات التى تكون فى بيوت أهل خطته.

[جامع السلطان شاه]

هذا الجامع بباب الخرق عن يمين الذاهب إلى باب اللوق على الشارع بقرب سراى الخديوى الأعظم التى بعابدين، وكان قد تهدم وبقى متخربا مدة وكان ناظره محمد أفندى الجريدلى، وكان له منبر من خشب العود جيد الصنعة فباعه ناظره محمد أفندى الجريدلى لسياح من الإفرنج بمبلغ خمسة وعشرين ألف قرش ديوانية ونقله السياح إلى بلاده؛ فلما