ولما أدار سورها حفر لها الخندق الرابع من بحريها، فصارت بين أربعة خنادق، وأدخل فى السور بستان الإخشيد وميدانه، وجعل دير العظام وقصر الشوك من ضمن القصر الكبير، فكان البستان بين القصر والخليج، وصار الخليج خارجا، وكان البستان كبيرا جدا - وفى محله الآن حارات اليهود وخط الخرنفش، ويمتد إلى شارع النحاسين.
والذى أنشأ هذا البستان الأمير أبو بكر بن محمد بن طغج بن الإخشيد أمير مصر، وكان مطلا على الخليج، واعتنى به، وجعل له أبوابا من حديد، وكان يتردد إليه ويقيم به الأيام، واهتم به بعده أبناؤه: الأمير أبو القاسم أنوجور، والأمير أبو الحسن على أيام إمارتهما بعد أبيهما، ولما استقل بعدهما بإمارة مصر الأستاذ أبو المسك كافور الإخشيدى كان كثيرا ما يتنزه به ويواصل الركوب إلى الميدان الذى به، وكانت خيوله بهذا الميدان، ثم لما آلت مصر للفاطميين صار هذا الميدان منتزها لهم، وكانوا يتوصلون إليه من سراديب مبنية تحت الأرض ينزلون إليها من القصر الكبير، ويسيرون فيها بالدواب إلى البستان ومناظر اللؤلؤة، بحيث لا تراهم الأعين، فلما زالت الدولة الفاطمية حكّر، وتجددت فيه الأبنية سنة إحدى وخمسين وستمائة.
[[أبواب القاهرة]]
وكان فى السور الذى بناه جوهر عدة أبواب: ففى الجهة البحرية باب النصر القديم - كان بجوار زاوية القاصد، وباب الفتوح القديم، وكان بجوار حارة بين السيارج التى فى خارجه - وكان محل الجامع الحاكمى خارج السور.
وبالجهة القبلية بابان متلاصقان يسميان بابى زويلة، أحدهما بجوار زاوية سام بن نوح المجاورة لسبيل العقادين، والآخر بجواره، وكان أحدهما وهو المجاور للزاوية المذكورة يسمى باب القوس، دخل منه المعز القاهرة عند قدومه، فتيامن الناس به، واستعملوه، وهجروا الباب الآخر، زاعمين أن من مرّ منه لا تقضى له حاجة، وقد زال بالكلية ولم يبق له أثر.
وفى الجهة الشرقية الباب المحروق القديم، وكان دون موضعه الآن، وباب البرقية كان خارج حارة البرقية التى اختطها جماعة من أهل برقة - وهى التى تعرف اليوم بالدراسة، وبقرب موضعه اليوم الباب المعروف بباب الغريب.
وكان لها هناك باب ثالث يغلب على الظن أنه كان بين هذين البابين.
وفى الجهة الغربية باب سعادة - ومحله بجوار الحد القبلى لسراى الأمير منصور باشا بقرب جامع اسكندر الذى هدم وصار محله الميدان الكائن أمام منزل الباشا المذكور - وكان هذا