[أول من تسلطن من المماليك الجراكسة وهو السلطان برقوق]
أول من تسلطن منهم هو السلطان الملك الظاهر أبو سعيد برقوق بن آنص فى أواخر سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وهو جركسى الجنس، أخذ من بلاد الجركس وبيع ببلاد القرم، وجلب إلى القاهرة، فاشتراه الأمير الكبير يلبغا الخاصكى وأعتقه، وجعله من جملة مماليكه الأجلاب، وعرف ببرقوق العثمانى نسبة إلى بائعه الخواجه فخر الدين عثمان بن مسافر.
فلما قتل يلبغا فى زمن الملك الأشرف، أخرجه مع المماليك الأجلاب إلى الكرك، فأقام مسجونا بها عدة سنين، ثم أطلقه والذين كانوا معه، فمضوا إلى دمشق، وخدموا عند الأمير منجك نائب الشام، إلى أن طلب الأشرف المماليك اليلبغاوية، فقدم برقوق فى جملتهم، واستقروا فى خدمة على وحاجى، ولدى الأشرف، وعرفوا باليلبغاوية، وصار برقوق من الأمراء المعدودين، إلى أن تسلطن بعد خلع حاجى كما تقدم، وكان قد سمى برقوقا لجحوظ فى عينيه.
ومن قبل تلك المدة، كان شراء المماليك أمرا ألفه الملوك والأمراء، ليتقووا بهم. وكان السلطان الملك المنصور قلاوون اشترى من الجركس والآص، عددا وافرا يبلغ ثلاثة آلاف وسبعمائة مملوك، وعمل منهم أوجاقية، وجمقدارية، وجاشنكيرية، وسلحدارية، وجعلهم فى أبراج القلعة، واقتفى أثره فى ذلك غيره.
[مطلب تغلب الأمير برقوق وجلوسه على تخت السلطنة]
ففى آخر سلطنة الملك الصالح زين الدين حاجى، كانت الأحوال مضطربة لصغر سنه كما مر، وكان كل أمير متطلعا إلى السلطنة، فتغلب الأمير برقوق، وتولى الأمور، ثم تغلب على السلطان وخلعه، وجلس على تخت الملك، على وجه ما تقدم.