ثم القبة الصالحية، وبلصقها المدرسة الصالحية، ثم حارة الصالحية التى هى آخر الشارع.
وبهذا الشارع الآن عدة دكاكين من الجانبين لبيع النحاس الجديد، وينصب به سوق كل أسبوع مرتين، يباع فيه النحاس القديم، فمن أجل ذلك عرف بشارع النحّاسين، وفى الأزمان القديمة كان يعرف بخط بين القصرين.
قال المقريزى: وكان خط بين القصرين أعمر أخطاط القاهرة، ثم فى أيام الدولة الأيوبية صار هذا الموضع سوقا، وقعد فيه الباعة بأصناف المأكولات من اللحوم المتنوعة والحلاوات المصطنعة والفاكهة وغيرها، فصار منتزها تمر فيه أعيان الناس وأماثلهم بالليل مشاة لرؤية ما هناك من السرج والقناديل الخارجة عن الحد فى الكثرة، ولرؤية ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين مما فيه لذة للحواس الخمس، وكانت تعقد فيه عدّة حلق لقراءة السير والأخبار وإنشاد الشعر والتفنن فى أنواع اللعب واللهو وغير ذلك من أمور شتى تكلم عليها المقريزى فى خططه، وكان من ضمن هذا الشارع سوق السلاح.
قال المقريزى: هذا السوق فيما بين المدرسة الظاهرية البيبرسية وبين باب قصر بشتاك، استجد فيما بعد الدولة الفاطمية فى خط بين القصرين، وجعل لبيع القسى والنشاب والزرديات وغير ذلك من آلات السلاح، وكان فى تجاه هذا السوق خان، وعلى بابه من الجانبين حوانيت تجلس فيها الصيارف طول النهار، وكان يلى سوق السلاح هذا سوق القفيصات.
قال المقريزى: هو بصيغة الجمع والتصغير هكذا يعرف، وهو عبارة عن عدة تخوت معدة لجلوس الناس تجاه شبابيك القبة المنصورية، وفوق تلك التخوت أقفاص صغار من حديد مشبك فيها الطرائف من الخواتم والفصوص وأساور النسوان وخلاخيلهن وغير ذلك، وهذه الأقفاص يأخذ أجرة الأرض التى هى عليها مباشر المارستان المنصورى، وكانت من حقوق أرض موقوفة على جامع المقس.
وفى سنة ست وعشرين وسبعمائة عمل الأمير جمال الدين أقوش المعروف بنائب الكرك خيمة كبيرة ذرعها مائة ذراع نشرها من أول جدار القبة المنصورية إلى آخر حد المدرسة المنصورية بجوار الصاغة، فصارت فوق مقاعد الأقفاص تظلهم من حرّ الشمس، ثم فى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة نقلت الأقفاص إلى القيسارية التى استجدت تجاه الصاغة، وبطل هذا السوق من يومئذ. (اه. ما يتعلق بخط بين القصرين قديما وحديثا).