للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى مدة الظاهر جقمق صار أتابكيا بعد موت الأتابكى يشبك السعدونى، وذلك سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ثم لما وثبت العساكر على الملك المنصور عثمان بن الملك الظاهر جقمق وقامت الحرب على ساقها سبعة أيام، وانكسر السلطان وخلع، تولى السلطنة بدله - كما ذكر - سنة سبع وخمسين وثمانمائة، فأقام فيها ثمان سنين وشهرين، وخلع نفسه فى مرض موته سنة خمس وستين وثمانمائة، بعد أن عهد بها لولده.

كانت مماليكه قد ساءت سيرتهم عند الناس، ولولا ذلك لكان خير ملوك الجراكسة، فإنه كان لينا هينا، قليل الأذى، وكان يعرف «بإينال الأجرود» لخفّة عارضيه. وكان لا يحسن الكتابة والقراءة، وكانت أيامه أقل فتنا من غيرها، وإنما كثر وقوع الحريق فى أيامه بالقاهرة مدة، ولم يعلم له سبب، فتخرّب بذلك، وبما تقدمه من الفتن والحروب، أماكن كثيرة من القاهرة وغيرها.

ووقع الطاعون فى أيامه سنة ثلاث وستين وثمانمائة، فأقام ثلاثة أشهر.

***

[تولية الملك المؤيد أحمد بن إينال]

ثم تولى المملكة بعده ابنه الملك المؤيد أحمد أبو الفتح، وكان قد عهد إليه. فأقام بها أربعة أشهر، ثم خلع بتحامل الأمراء عليه. وكان أتابك العسكر إذ ذاك خشقدم، فلم يمض غير قليل ودبّت عقارب الفتن، فتعصّب العسكر، وحاصروا القلعة، ووقع بينهم وبين الملك ما أدى إلى القبض عليه وخلعه وسحنه.

***

[تولية السلطان خشقدم]

ثم تولاها الظاهر أبو سعيد خشقدم الناصرى، ثم المؤيدى سنة خمس وستين وثمانمائة، ولقّب بالملك الظاهر، وهو السلطان الأول من الروم، إن لم يكن منهم أيبك ولا لاجين.

وفى سنة ست وستين وثمانمائة تحيّل على الأمراء حتى جمعهم بالقلعة، وقبض على جماعة من الأشرفية، وأرسلهم إلى سجن الإسكندرية، فقام عليه باقيهم، وسلطنوا جرباش الأتابكى بالغصب والقوة، ولقبوه بالناصر، فحصلت وقعة بينهم وبين عصبة السلطان خشقدم بالرميلة انتصر فيها عليهم، ونفى جماعة.