وفى سنة ١٢٦٠ هجرية، فتح شارع الباب الأخضر المار من شرقى الإسبتالية إلى المحمودية، وهدمت لأجله جملة من المساكن. ومن المحاسن التى أخذ التنظيم فيها حقه الشارع العمومى، والمنشية المشاهدة الآن بين باب رشيد ورأس التين.
فأما المنشية وبعض الشارع فكان فضاء، وأما بعضه الآخر فكان منازل اشتريت من أربابها، وكان فى محل المنشية سوق تنزل فيه العرب لبيع الأغنام والتمر السيوى، والحطب، والصوف والسمن وغير ذلك، وكان يعرف بكوم الحلة، وحدّه الشرقى الوكالة المحروقة، والبحرى وكالة المراكشى، ووكالة الجمال المبرية، ووكالة الصوف، ومنزل الشيخ إبراهيم باشا والمنقعى.
ومن هذه الأماكن إلى جهة الجنوب كان فضاء وبعض بساتين. وأوّل ما أنشئ بالمنشية جامع الشيخ إبراهيم باشا، ووكالة محرم بيك التى تحتها الآن خان شاكولانى، ثم بنى منزل ضانستاظى، ومنزل جبارة، وهو الآن فى ملك الخديوى، وأما سوق الخضار والجزارين-الآن-فهو محل حارة الجمال سابقا، فرّقه العزيز على بعض الأمراء، فبنوا فيه تلك الأبنية والحوانيت الموجودة الآن.
وأما مقابر الموتى، فكانت داخل البلد خلال المساكن، فكان يتصاعد منها روائح كريهة، فنهى العزيز عن الدفن، فيها وأمر بجعل القبور خارج المدينة بعيدا عنها.
وهكذا كانت عادته فى جلب كل ما فيه نفع، ودفع كل ما فيه ضرر، فكان-عليه سحائب الرحمة-لا يشغله بعض المصالح عن بعض، ولا تتعطل فكرته فى أمر مّا، ولم يسمع بمثله فى عصره فى اتساع دائرة أفكاره وإصابة أنظاره، ولذلك لما تراكمت عليه