وفى تاريخ الخميس فى أحوال أنفس نفيس للشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكرى: أن الغورى هو الملك الأشرف أبو النصر سيف الدين قانصوه الغورى الظاهرى الأشرفى نسبته إلى طبقة الغور والى الظاهر خشقدم والى الأشرف قايتباى، فإنه كان من مماليك الظاهر خشقدم ثم انتقل إلى الأشرف قايتباى.
كان مولده فى حدود الخمسين وثمانمائة تقريبا بويع له بالسلطنة يوم الاثنين مستهل شوال سنة ست وتسعمائة بقلعة الجبل، وألبس شعار الملك وجلس على التخت فى اليوم المذكور وهو نهار عيد الفطر، وبنى فى سلطنته سور جدة ودائر الحجر الشريف وبعض أروقة المسجد الحرام وباب إبراهيم، وجعل علوه قصرا شاهقا وتحته ميضأة وبنى بركة وادى بدر وعدة خانات وآبار فى طريق الحاج المصرى منها خان فى عقبة أيلة والأزلم، وأنشأ مدرسة علو سوق الجملون بالقاهرة والتربة المقابلة لها من جهة القبلة مع أوقافها.
وأنشأ مجرى الماء من مصر العتيقة إلى قلعة الجبل وعمّر بعض أبراج الاسكندرية اه.
وفى تاريخ الاسحاقى: أنه تولى الملك سنة سبع وتسعمائة وفرح العسكر بولايته، وكان كثير الدهاء ذا فطنة ورأى إلا أنه كان شديد الطمع كثير الظلم محبا للعمارة.
وسبب توليته أن العسكر بعد أن قتلوا الملك طومان باى رأوا قانصوه لين العريكة سهل الإزالة فى أى وقت أرادوا إزالته أزالوه لأنه كان أقلهم مالا وأضعفهم حالا وأوهنهم قوة؛ فقال: أقبل بشرط ألاّ تقتلونى فإن أردتم خلعى من السلطنة فأخبرونى وأنا أوافقكم وأنزل لكم عن الملك، فعاهدوه وبايعوه.
ولما سكنت الفتنة بهذا التدبير صار يلقى الفتنة بينهم ويأخذ هذا بهذا ويلقى لهم دسائس فى الطعام من سم ونحوه حتى أفنى قرانصتهم، ثم اتخذ مماليك لنفسه فصاروا يظلمون وصار هو يصادر الناس ويأخذ أموالهم فجمع من هذا الباب أموالا عظيمة ذهبت فى الأمر سدى، وبطل الميراث فى زمانه واستغاث الناس فيه إلى الواحد القهار.
وحكى: أن جنديا من الجلبان أخذ متاعا من دلاّل ولم يرضه فى قيمته، فقال الدلال:
بينى وبينك شرع الله فضربه بدبوس فتح رأسه. وقال: هذا شرع الله وسقط الدلال مغشيا عليه فكان ذلك سببا لزوال ملكه، ولم يمض إلا قليل وقد برز بجنوده وأمواله وخزائنه