وقد أخبرنى ناظره السيد حسن عن والده السيد سليمان - وكان أكبر تلامذة الشيخ العشماوى وأحد أقربائه -: أن الشيخ درويشا هذا كان من الشلبيات وأصله من قرية عشما وكان أبوه من الأشراف المعتبرين، وكان للشيخ درويش هذا أخ كبير عنه وكان يحبه حبا شديدا ثم أنه مرض ومات، وكان الشيخ درويش غائبا عنه فعندما أخبر بموته أخذ عقله وسقط من شباك المحل الذى كان جالسا به وقتئذ، وصار هائما إلى أن أخذ وسجن بالمارستان فقعد به ثلاث سنين ثم خرج منه مجذوبا وسكن بحارة الهدارة التى عند جامع شريف باشا الكبير، واجتمع عليه عدة من الأمراء وغيرهم وأشاعوا عنه الكرامات وعملوا له حضرة كل ليلة جمعة، فصار يجتمع عليه الكثير من الناس ويهادونه بالهدايا والنذور فاشتهر اسمه من ذاك الوقت وذلك فى أوائل سنة ثلاث عشرة ومائتين وألف، واستمر مقيما بحارة الهدارة إلى سنة خمس وثلاثين ثم انتقل إلى زاويته التى هى محل ضريحه الآن، فأقام بها ورتب الحضرة وأحدث المولد السنوى واستمر على ذلك إلى أن مات فى سنة سبع وأربعين ومائتين وألف ودفن بزاويته هذه وبقيت زاويته مقامة الشعائر، يعمل بها المولد السنوى ويعقد بها مجلس الذكر بمعرفة الشيخ سليمان أكبر تلامذته المتقدم الذكر، ثم ان الشيخ سليمان هذا أعرض للمرحوم عباس باشا بخصوص توسعة الزاوية لكثرة الفقراء المقيمين بها وكان إذ ذاك كتخدا الحكومة المصرية فأجابه بأن هذا غير ممكن الآن وإن شاء الله يكون فى المستقبل، ثم أعقب ذلك سفره إلى الأقطار الحجازية فعند توجهه إلى السفر مر على الزاوية وقرأ الفاتحة وهو تجاه شباك الزاوية فخاطبه السيد سليمان المذكور من الشباك بقوله: إن شاء الله تعود سالما وتبنى لنا الزاوية، فأجابه بقوله:
إن شاء الله. ثم انه حضر واليا على الديار المصرية وهنأته الأمراء والعلماء وبعد ذلك شرع فى تجديد عدة مساجد وزوايا، فذكره أحد العلماء المعروف بالشيخ الجرجاوى: أن زاوية الشيخ العشماوى ضيقة ولازم لها العمارة فأمر فى الحال بإحضار الأمير أدهم باشا وقال له: قم بنفسك واعمل رسما لزاوية العشماوى واشتر ما بجوارها من البيوت واجعلها جامعا متسعا واجعل للضريح مزارا مخصوصا يتوصل إليه من داخل الجامع وخارجه، فصار العمل من ذاك الوقت وجاء جامعا من أحسن الجوامع وأبهجها.
[جامع الشيخ عطية]
هذا الجامع فى بولاق القاهرة بدرب نصر يفتح على الشارع وبه أربعة أعمدة من الحجر، وله منبر وخطبة وله مطهرة صغيرة وشعائره مقامة وبه ضريح الشيخ عطية.