وتفرج على فوة رشيد، وأقام بالإسكندرية ثلاثة أيام، ثم رجع وأقام بجزيرة المقياس، وكان يتفرج فى الذهبية كل يوم كما قدمنا، فاتفق أنه عاد من فرجته ذات ليلة، فلما قربت الذهبية من السلم همّ بالصعود عليها، فخلت رجله فسقط فى البحر فلحقه الريس وأخرجه، /وبقى مدة مغشيا عليه، ثم أفاق وأنعم على الريس، وكان يدعى بالحاج عبد القادر الأعرج، وجعله معرّف البحرين، وأعطاه فرمانا بذلك، وجعلها فيه إلى أن يموت من غير أن يحمل منها شئ إلى السلطان. وفى صبيحة تلك الليلة لم يرغب السلطان فى الإقامة بعد ذلك فى الجزيرة، ثم توجه إلى منزل كورت بيك الذى كان على بركة الفيل، فأقام به أياما ثم رحل إلى القسطنطينية، وأخذ معه السيد محمد الغورى وقانصوه العادلى، فإنه بعد ما أخطأ فى مقصوده اختفى فى منزل فى بولاق، وكان السلطان شدد فى طلبه من خير بيك، فطلب من السلطان أن ينادى بالأمان، فحصل ذلك فحضر عند السلطان وتكلم معه فحياه السلطان وأكرمه، بعد أن علم صدقه وصداقته، وخيّره بين الإقامة بمصر أو الذهاب معه ليكون من أمراء رجاله، فرغب فى التوجه معه، وتوجه معه كرامة للسيد محمد ابن السلطان الغورى.
[(إدارة أمر المقياس)]
كان الموكل بالمقياس والقياس فى الأزمان السابقة شيخا من الأفاضل، وكان يطلق عليه اسم «قاضى المقياس» وهو الذى يعين ارتفاع تحاريق النيل، ويقيس فى كل يوم زيادته من وقت أخذه فى الفيضان، ويخبر بذلك الحكومة، وينادى بذلك فى المدينة.
وكان متى حصل الوفاء: يعنى متى بلغ النيل فى العمود ستة عشر ذراعا، وابتدأ فى السابع عشر يعلن بذلك الحكومة، لتجرى قطع السّد الموضوع فى فم الخليج، وتجرى موسم جبر البحر الذى هو من الأعياد المهتم بها إلى الآن.