والشرقية، دفن فيه حسن باشا المانسترلى مع الشيخ عبد الرحمن، وتاريخ بناء المحل المذكور سنة سبع وستين ومائتين وألف، والآن حيطانه تعلقت، وبياضه سقط، وصار فى حالة تدل على خرابه عن قريب. ثم إن السلطان سليم بعد قتله للسلطان طومان باى، وشنقه عند باب زويلة، ارتاح خاطره، وصفا وقته، حيث لم يبق من الجراكسة ما ينغص عليه ويعارضه فى أرض مصر، فقام وعدى جزيرة الروضة وأقام بسراية المقياس، وكان يركب فى ذهبية الغورى ويتفرج فى النيل كل يوم، ويرجع إلى السراية، إلى أن وقعت له النادرة التى حكاها شارح سيرة الجراكسة وهى: أن الأمير قانصوه العادلى لما سمع بشنق السلطان طومان باى وقتل الأمير ساربك حزن حزنا ما عليه من مزيد، وهجر الطعام والمنام، ثم حدث نفسه بأن يتحيل على قتل السلطان سليم، فدبر فى نفسه أن يلبس مثل العرب، ويأخذ معه جماعة من أهل القوة، وينزل فى مركب ليلا، ويسير بها إلى تحت المقياس، ويجعل له سلم تسليق ويصعد عليه، وينزل فى داخل المقياس، ويقتل السلطان سليم، ويأخذ بثأر قومه، وفعل ذلك حتى وصل إلى الطيارة التى فوق المقياس من محل السلطان، فوجد الحرس مستيقظين، وسمع حديثهم، فكمن فى محل، وقال فى نفسه: اصبر لهم حتى يناموا فلما انقطع حديثهم ظن أنهم ناموا، وكانوا يتناوبون الحرس بالساعات، فقام ومشى إلى أن قرب منهم، ففطنوا به ورأوه بالعين، فقاموا يتصايحون بالسيوف مسرعين فى طلبه، ففر هاربا إلى الموضع الذى طلع منه فأدركوه قبل أن يصل إلى السلم، فما وسعه إلا أن رمى نفسه من فوق الشرافات فى البحر، وسار مع التيار وتبعه جماعته بالمركب إلى أن أدركوه وهو عائم، فأخرجوه وانحدروا به ولم يبلغ مقصوده.
وأما السلطان سليم فإنه قام مرعوبا منزعجا حين سمع الضجة، ونظر من أعلى القصر فى البحر فرآه عائما، فأمرهم بالرمى عليه بالبندق فلم يصبه شئ منه إلى أن وصل ساحل بولاق، ثم بعد ذلك توجه السلطان فى البحر