تهجرهم أخلاقك السوء، فإن نفسك أقرب إليك والأقربون أولى بالمعروف. وقد أطال الشعرانى فى ترجمته ولم يذكر تاريخ وفاته ﵁ انتهى.
[مزاوله]
فيه سبع مزاول، فى صحنه أربع لمعرفة وقت الظهر على يمين الداخل من باب المزينين، وثلاث لمعرفة العصر وهى جهة رواق معمر، وإحدى هذه من عمل الوزير أحمد باشاكور المتولى على مصر سنة إحدى وستين ومائة وألف، وذلك-كما فى الجبرتى-أنه كان من أرباب الفضائل، وله رغبة فى العلوم الرياضية، فلما استقر بقلعة مصر قابله صدور العلماء، منهم الشيخ عبد الله الشبراوى شيخ الأزهر، فتكلم معهم فى الرياضيات فقالوا: لا نعرف هذه العلوم. فتعجب وسكت. وكان للشبراوى وظيفه الخطابة بجامع السراية، فكان يطلع يوم الجمعة ويدخل عند الباشا، فقال له الباشا يوما: المسموع عندنا بالديار الرومية أن مصر منبع الفضائل والعلوم، وكنت فى غاية الشوق إلى المجئ فلما جئتها وجدتها كما قيل: تسمع بالمعيدى خير من أن تراه. فقال له الشيخ: يا مولاى هى كما سمعتم معدن العلوم والمعارف. فقال: وأين هى وأنتم أعظم علمائها وقد سألتكم عن بعض العلوم فلم تجيبونى، وغاية تحصيلكم الفقه والوسائل ونبذتم المقاصد. فقال الشيخ: نحن لسنا أعظم علمائها وإنما نحن المتصدرون لقضاء حوائجهم، وأغلب أهل الأزهر لا يشتغلون بالرياضيات إلا بقدر الحاجة الموصلة إلى علم المواريث كعلم الحساب والغبار. فقال له: وعلم الوقت كذلك من العلوم الشرعية، بل من شروط صحة العبادة، كمعرفة دخول الوقت واستقبال القبلة ووقت الصوم وغير ذلك. فقال الشيخ: نعم لكنه من فروض الكفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وهذه العلوم تحتاج إلى آلات وصناعات وأمور ذوقية، كرقة الطبع وحسن الوضع والخط والرسم والتشكيل والأمور العطاردية، وأهل الأزهر غالبهم فقراء وأخلاط مجتمعة من القرى والآفاق، فيندر فيهم القابلية لذلك. فقال: وأين البعض؟ فقال: موجودون فى بيوتهم يسعى إليهم، ثم أخبره عن الشيخ الجبرتى (والد المؤلف) فقال: وكيف الطريق إلى حضوره؟ فقال: تكتبون له إرسالية مع بعض خواصكم فلا يسعه الامتناع. ففعل فلبى دعوته فسر به ولازم المطالعة عليه مدة ولايته، ولما طالع ربع الدستور طالع بعده وسيلة الطلاب وهو مؤلف دقيق للعلامة الماردينى؛ فكان الباشا يختلى بنفسه ويستخرج منه بالطرق الحسابية ثم بالتجييب فيجده مطابقا؛ فسر بذلك وخلع على الشيخ فروة من ملبوسه السمور فباعها بثمانمائة دينار.