وقد نشأ منها علماء إسلاميون كثيرون، وذكر صاحب:(خلاصة الأثر) أن من علمائها الفاضل الشيخ شعبان الفيومى الأزهرى الشافعى الإمام الفقيه المتضلع من العلوم الشرعية، شيخ الأزهر نفع الله بعلمه، فما قرأ عليه أحد إلا انتفع به، وحصلت له بركته، ولد بالفيوم سنة عشرة وألف هجرية تقريبا، وحفظ القرآن، ودخل إلى مصر، وأخذ عمن بها من أكابر العلماء كالشهاب القليوبى والشمس الشوبرى، وكان ملازما لهما سنين عديدة، وكان يستغرق أوقاته فى إقراء العلم والتدريس فى العلوم النافعة، وكان يقرأ عليه كل يوم ما ينيف على مائة طالب، وله فى كل يوم ثلاثة دروس حافلة، واحد بعد الفجر إلى قريب طلوع الشمس، والثانى بعد الظهر، والثالث بعد العصر، وهذا دأبه دائما، وكان يجتمع فيها من طلبة العلم خلق كثير، وكان محافظا على الجلوس فى الأزهر، لا يخرج منه إلا لحاجة، وكان يستحضر كتب الفقه المتداولة بين المصريين، وتخرج به كثير من العلماء، منهم العلامة منصور الطوخى وإبراهيم البرماوى وعطية الشواربى وغيرهم.
وكان قليل الكلام كثير الاحتشام، لا يتردد إلى أحد، معظما عند العلماء مشهورا بالورع، وكان إذا قرأ القرآن يكاد يغيب عن حواسه، وكان كثير الدعاء لمن يقرأ عليه، ولا يسمع منه كلام إلا فى تقرير مسائل العلم، وكان إذا مر فى السوق يمر مسرعا مطرق الرأس، وله كرامات ظاهرة، منها أن رجلا تسلط عليه فكان إذا مر مطرقا يحاكيه ويتمثل به ويطرق رأسه مثله، فأتى إليه ذات يوم وهو مطرق ففعل مثله وأطرق رأسه فلم يقدر على رفعه، ولا تحريكه يمينا ولا شمالا، ثم