ولما مات أحضرته شجرة الدر زوجته أم ولده خليل إلى قلعة الروضة من غير أن يشعر به أحد، وأخذت بزمام الأمور، من غير أن تظهر موت الصالح، وأجرت الأحوال على ما كانت عليه، وصارت الخدمة تعمل بالدهليز والسماط يمد، وشجرة الدر تدبر أمور الدولة، وتوهم الكافة أن السلطان مريض، ما لأحد إليه سبيل ولا وصول. إلى أن حضر الملك المعظم توران شاه ابنه من حصن كيفا، فسلمت إليه مقاليد الأمور، كما سيأتى.
ومن آثار شجرة الدر حمام وبستان ودور أنشأتها بجهة السيدة نفيسة ﵂، وقبرها معروف فى الجامع المشهور بجامع الخليفة أمام مشهد السيدة رقية ﵂.
ولما تسلم توران شاه زمام الأمور أساء التدبير، وعكف على السكر والملاهى واللذات، فنفرت منه قلوب الناس، لا سيما لمّا أهمل أمر أمراء أبيه ومماليكه، وأخّرهم عن مراتبهم، وقتل منهم عدة، وعزل جماعة، وجرّدهم من علامات الشرف، واحتظى بمن وصل معه من الشام، فحنقت عليه مماليك أبيه، وقاموا عليه، وقتلوه سنة ثمان وأربعين وستمائة، وتركوا رمّته مطروحة على البحر ثلاثة أيام، ولم يقم فى السلطنة سوى شهرين. وبموته انتهت دولة بنى أيوب، وجاءت المماليك.