وأما العمارة المشهورة عند المؤرخين بقبر أوزمندياس، فنذكرها لك بأوضح بيان فنقول: إن (ديودور الصقلى) ذكر فى مؤلفاته أن هذه العمارة مقدار أربع عمارات من عمائر طيبة العظام فى السعة، وأنه كان بها دائرة فلكية من الذهب الخالص، محيطها ستمائة قدم، وسمكها قدم، وكان بها أيضا كتبخانة مكتوب على بابها: غذاء الروح.
وقد أنكر كثير ممن لهم معرفة باللغة المصرية القديمة، كون هذه العمارة هى قبر أوزمندياس، وما ذكره (ديودور) من أن الدائرة الفلكية كانت من الذهب الخالص استبعده المتأخرون، لكن (ديودور) قد ساح فى هذه الأرض فى الزمن العتيق، وبنى ما قاله على المشاهدة والعيان، بخلاف المتأخرين فإنهم بنوا كلامهم على الظن بسبب كون هذا الأمر خارقا للعادة، وربما أيد قول الصقلى، عدم المشابهة بين تلك المبانى القديمة الموجودة للآن، وبين المبانى التى تصنع فى وقتنا، فإن بينهما بونا بعيدا، بحيث لا تمكن المقارنة بين أعمالنا وأعمال قدماء المصريين.
وهذه العمارة المعروفة بالقبر، كان جزء منها سراية للسكنى وجزء كان معدا/للعبادة، وقال بعضهم: هى سراية مثل السرايات التى بنيت زمن العائلة الثامنة عشر والتاسعة عشر، على شاطئ النيل، وتلك السرايات عبارة عن عدة حيشان، وأواوين يحيط بها أعمدة هائلة مصوّر عليها فرعون مصر بصور مختلفة.
فتارة على هيئة عابد متلبس بالعبادة، ومرة كأنه يقرب القرابين، وطورا كأنه جالس مع الآلهة وكأن الأهالى تعبدهم، وحينا كأنه يشن الغارة على البلاد ويقهر العباد ويسلب الأموال ويسوق الأسرى وما أشبه ذلك، وفرعون مصر رمسيس مصوّر كأنه جالس على تخت ارتفاعه ثلاثة وخمسون قدما،