وفى بعض التواريخ أنه كان فى هذا الموضع مدينة تسكنها اليهود، وكانت كثيرة المتاجر، وتصنع فيها المراكب بكثرة.
[ترجمة الشيخ أحمد برغوث المالكى]
وقد نشأ من قرية اليهودية العالم الصالح، والإمام الناجح الشيخ أحمد الشهير ببرغوث المالكى، كما فى حوادث سنة ثلاث وعشرين بعد المائتين والألف من الجبرتى. وقال: قدم الأزهر وتفقه على مشايخ العصر، ومهر فى المعقول والمنقول، وتصدى للتدريس، وانتفعت به الطلبة، واشتهر ذكره، وشهدوا بفضله، وكان على حالة حسنة، ولم يتزىّ بزى الفقهاء، يقضى حوائجه بنفسه، تمرّض بالزمانة مدة سنين، فكان يتوكأ على عصا، ولم يقطع دروسه بالأزهر، ولم يزل كذلك إلى أن توفى فى شهر صفر من السنة المذكورة، ودفن بقرافة المجاورين. عليه رحمة ربّ العالمين.
وإلى هنا انتهى الكلام على خطط مدن مصر وقراها الشهيرة قديمة وحديثة، وما وصل إلينا من حوادثها القديمة والحديثة، وأخبار أهلها من العلماء والأعيان والمشاهير. واعلم أن الكلام على خطط القاهرة من المهمات التى اعتنى بها أفاضل العلماء والمؤرخين ورؤساؤهم قديما، قال فى كشف الظنون:(خطط مصر) وهى جمع خطة بمعنى محلة أو بلد؛ لأنه يخط عند التحديد، وأول من صنف فيه أبو عمر محمد بن يوسف الكندى، ثم القاضى أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى المتوفى سنة ٤٥٤ سماه (المختار فى ذكر الخطط والآثار)، فدثر أكثره فى سنى الشدة المستنصرية من سنة ٤٥٧ إلى سنة ٤٦٤ من الغلاء والوباء، ثم كتب تلميذه أبو عبد الله محمد بن زكات النحوى المتوفى سنة ٥٢٠ عن مائة سنة وثلاثة أشهر، ثم كتب الشريف محمد بن إسماعيل الجوانى وسماه:(النقط لمعجم ما أشكل من الخطط)، ثم كتب القاضى تاج الدين محمد بن عبد الوهاب بن المتوج سنة ٧٣٠ وسماه:(اتعاظ المتأمل وإيقاظ المتغفل)، فبين أحوال مصر إلى حدود سنة