وفى مدته كثرت الرغبة فى المبانى الرومية الفخيمة، فبنى الأمراء وغيرهم من أصحاب الأموال فى خطة الإسماعيلية والفجالة وشبرا القصور والسرايات المكلفة، منها ما تبلغ نفقته ثلاثين ألف جنيه، وكثرت حتى صارت عدة مئين.
وللآن فى مدة الحضرة الخديوية التوفيقية لم تنقطع الرغبة فى تلك المبانى، وفى كل يوم تظهر مبان مشيدة، بأشكال ظريفة، حتى امتدت العمارات إلى طريق السبتية الواصل بين محطة السكة الحديد وبولاق، ونتج من تلك الأعمال زوال التلول والبرك العفنة التى كانت بأرض الإسماعيلية وبجانبى طريق بولاق وطريق السبتية والفجالة، وصارت هذه المحلات من أحسن محلات المدينة.
[[تنظيم شوارع القاهرة]]
وقبل العائلة المحمدية كانت حارات القاهرة وأزقتها كثيرة الانعطافات والأسبطة، وأرضها غير مستوية، فلما كثرت بها السكان والمتاجر صارت لا تناسب هذه الحالة، فكان يحصل الازدحام وتعطيل الماشى والراكب، فلما أخذ العزيز محمد على بزمام الأحكام، واستتبت الراحة، صدرت أوامره لأقلام الهندسة بعمل لائحة التنظيم، فعملت، وصار العمل بمقتضاها، ونشأ عن ذلك اتساع الحارات، وسهولة المرور بالمتاجر وغيرها، واستمر ذلك فى زمن خلفائه.
[[خصائص البناء الرومى الجديد]]
واتبع الناس فى بنائهم الأشكال الرومية، وهجروا الأسلوب القديم، لما رأوا فى الأسلوب الجديد من بهجة المنظر وحسن الوضع وقلة المصاريف عن الأسلوب القديم، فإن المحلات فى الأسلوب الجديد، شكلها إما مربع، أو مستطيل، ولا تختلف، إلا بالكبر والصغر، بخلاف القديم فإن القاعة الواحدة كانت تشغل أكثر أرض الدار، ولوازمها يعسر معها الانتظام، وكانت الطرقات والفسحات تأخذ مبلغا عظيما، ومراحيضها قريبة من محلات النوم والجلوس، وأكثر محلات الدار قليل النور والهواء اللذين هما من أساس الصحة، وقلّ أن تخلو من الرطوبات، التى تتولد عنها الأمراض.
وفى الأسلوب الجديد، استعوضت المشربيات التى كانت تصنع من الخرط بشبابيك مستطيلة، وعليها ضفف الزجاج، واستعمل فى الدور الأرضى عوضا عن الخرط شبابيك من الحديد، بأشكال مختلفة. واستعوضت خردة الرخام التى كانت تجعل فى درقاعات