وكلف برسم البساتين المهندس باريل بى المشهور فى تنظيم البساتين، وهو الذى نظّم بستان الأزبكية، فنوع فى رسومات أرمان الجيزة، وجعل به مناظر مختلفة وجبالا عليها قناطر تمر فوق وديان، ونوّع مستوى أرضه، فجعل بعضه مستويا، وبعضه منحدرا، وجعل به أبحرا وغدرانا. وفى مواضع منه ضم الأشجار إلى بعضها، وفى غيرها فرّقها، واجتهد فى تشبيه تلك الأرض بأراضى الروم وغيرها، واستعمل مبلغا جسيما من «الصيمنتو» فى عمل الصخور، ووزع الغاز به فى فوانيس من البللور على أعمدة من الحديد.
ورتّب من الخدمة لتلك البساتين نحو خمسمائة نفر تحت إدارة أسطاوات من الإفرنج لخدمة الأشجار وسقيها بالخراطيم وكنس الطرقات والمماشى ونحوها، فصارت بساتين الجيزة والجزيرة فريدة فى نوعها، وبلغت مساحة الأرض المشغولة بتلك الأعمال أربعمائة وخمسة وستين فدانا.
وكان الخديو اسماعيل باشا مشغوفا بحب البناء، فبنى غير هذه السرايات سرايات أخرى مثل سراية عابدين، وسراية الإسماعيلية الصغيرة، سميّت بذلك لأنه كان قد شرع فى بناء سراية الإسماعيلية الكبيرة محل جزيرة العبيط بعد شراء ما كان بها من المنازل والقصور، ولكنه أوقف العمل فيها بعد أن صرف على جدرانها فقط ثمانية وثلاثين ألفا وثمانمائة وعشرين جنيها مصريا، وصرف على مشترى أماكن الجزيرة - وهى مائة بيت وواحد - تسعة آلاف وستمائة واثنين وثمانين كيسة، وهى عبارة عن ثمانية وأربعين ألفا وأربعمائة جنيه وعشرة.
واستمر العمل فى سراية الجيزة، وسراية بولاق التكرور، وسراى فاطمة هانم، والقصر العالى، وسراية الزعفران بالعباسية للوالدة، وسرايات أخر بالإسكندرية والمنصورة والمنيا والروضة، وغير ذلك من بيوت الإشراقات وغيرها، وسراية كبيرة بالعباسية، وهى التى احترقت، وبعضها الآن عمل اسبتاليا للمجاذيب، وكان جميع حيطان محلاتها من الداخل وسقوفها مكسوة بالأقمشة المتنوعة الأجناس والقيم.
ووجدت قائمة فيها ما صرف على السرايات من أجر صناع ومفروشات ونقوش ونحوها، من ضمن ذلك ما صرف على الجيزة ألف ألف وثلثمائة وثلاثة وتسعون ألفا وثلثمائة وأربعة وسبعون جنيها، وعلى سراى عابدين ستمائة وخمسة وستون ألفا وخمسمائة وسبعون جنيها، وسراى الجزيرة ثمانمائة وثمانية وتسعون ألفا وستمائة وإحدى وتسعون جنيها، وسراى الإسماعيلية الصغيرة مائتا ألف وواحد ومائتان وستة وثمانون جنيها، وباقى العمارات ألفا ألف وثلثمائة وإحدى وثلاثون وستمائة وتسعة وسبعون جنيها، منها على سراى الرمل أربعمائة واثنان وسبعون ألفا وثلثمائة وتسعة وتسعون جنيها.