ويعلم مما ذكره ابن أبى السرور أن النيل فى زمن السلطان عثمان بن أحمد سنة تسعة وعشرين ومائة وألف هجرية، زاد زيادة خارقة للعادة، فخاف المصريون الغرق، وحصل غلاء فى أسعار الحب والقوت، وأعقب ذلك طاعون. وفى سلطنة السلطان مراد خان بن أحمد الذى خلف السلطان مصطفى على التخت فى سنة أربعة وثلاثين ومائة وألف هجرية، وصل ارتفاع النيل إلى أربعة وعشرين ذراعا، فخاف الناس، ولكن لم/يصلب، ونزل بسرعة، وزرعت الأراضى ونجح المحصول. وفى سلطنة السلطان إبراهيم بن أحمد، أخى السلطان مراد خان وخليفته، وهو الثامن عشر من سلاطين آل عثمان، زاد النيل فى سنة خمسين ومائة وألف هجرية. زيادة ضعيفة، وفى أول شهر توت كان لم يصل ارتفاع النيل إلى ستة عشر ذراعا، ومع ذلك صار قطع الخليج، ونزل النيل من وقته، فحصل فى جميع الديار المصرية غلاء شديد.
وفى سلطنة السلطان مصطفى الثالث ابن السلطان أحمد خليفة السلطان عثمان الثالث ابن السلطان مصطفى فى سنة سبعين ومائة وألف هجرية، كان الحاكم بوظيفة القائم مقام على الديار المصرية من قبل الدولة العلية حمزة باشا، وكان قد اعترى العتب الخشب الموضوع فوق عمود المقياس خلل من تقادم مرور الزمن عليه، فأمر بوضع عتب بدله وكتب عليه بالثلث ما كان مكتوبا عليه من الآثار فى الزمن القديم بالكتابة الكوفية من وقت المتوكل. ويظهر من أقوال المؤرخين أن فى مدة البيكوات خصوصا فى مدة على بيك الكبير سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف، لم يحصل تهاون فى أمر المقياس، بل اعتنوا بأمره، وأجروا فيه جملة عمارات، ولكن لم نقف عليها.
[(مقياس النيل فى زمن الفرنساوية)]
كان قطع الخليج فى اليوم السادس عشر من ربيع الأول سنة ثلاث عشرة ومائتين وألف هجرية، وعمل له مهرجان حافل، حضره الأمير بنو برد ورؤساء