جيوشه والكيخيا والباشا، وأعضاء الديوان الكبير بالقاهرة، ومنلا أفندى وأغاة اليكشارية، وجرت الرسوم المربوطة من كساوى وبدرة وغيرهما، وفرح الناس لأن هذه السنة كانت سنة مخصبة مباركة، ووفّى النيل وفاء حسنا، وزرعت الأراضى جميعها. وفى سنة أربع عشرة ومائتين وألف هجرية توجه المهندسون إلى المقياس، وحفروا قاعه، وأزالوا ما به من الطين حتى ظهر أول قسم من أقسام العمود، وكان ذلك بحضرة الشيخ مصطفى قاضى المقياس، وسقا باشا، ثم أضافوا فوق تاج العمود قطعة من الرخام الأبيض، ارتفاعها ذراع واحد وإصبعان، وكتبوا فوقها كتابة بالفرنساوية والعربية، فتم بذلك عدد الأذرع ثمانية عشر ذراعا، وفوق الذراع الأخير ستة أصابع، والكتابة الفرنساوية على الوجه الغربى للقطعة الرخام، ومعناها السنة التاسعة للمشيخة الفرنساوية، والكتابة العربية على الوجه الشرقى من القطعة المذكورة سنة خمس عشرة ومائتين وألف من الهجرة، وجعلوا كتابة غير تلك على لوح من الرخام فوق الباب بالفرنساوية ومعها ترجمتها وهى:
«بسم الله الرحمن الرحيم» وبحذاء البسملة: «محمد أفندى العريشى قاضى مصر حالا وبعدها: «والصلاة والسلام على رسول الله الكريم إنه بتاريخ سنة تسعة للمشيخة الفرنساوية وسنة خمسة عشر ومائتين وألف للهجرة وثلاثين شهرا من بعد افتتاح مصر من بنو برد أمير الجيوش رسم منو سر عسكر العام المقياس، فكان قياس النيل فى وقت الشحائح على ثلاثة أذرع وعشرة أصابع فى اليوم العاشر من بعد المنقلب الصيفى من السنة الثامنة للجمهورية، وابتدأ بالزيادة بمصر فى اليوم السادس عشر من بعد هذا المنقلب بعينه، وعلى ذراعين وثلاثة أصابع زيادة على بدن العمود بعد سبعة أيام ومائة يوم من هذا الانقلاب، وبدأ بالنقصان فى اليوم الرابع عشر بعد المائة منه أيضا، فالرى عم الأراضى، فهذا الفيض الخارج عن المعتاد بأربعة عشر ذراعا، وسبعة عشر إصبعا الأمل به لسنته خير وافر جدا.