ولنورد لك طرفا مما يتعلق بمعدن الزمرد، قال (المسعودى): هذا المعدن فى الصعيد الأعلى بقسم قفط من مديرية قنا، والمحل الذى هو به يعرف بالخربة، وهى صحراء كثيرة الجبال والمحافظون عليه البجاة، وهم مقيمون حوله ولهم شئ مقرر على من يستخرجه وعليهم الخفر والاخراج، وقد أخبرنى من له معرفة بالزمرد من أهل الصعيد، وقد كان ذهب إليه وشاهده: أن الزمرد يزيد وينقص تبعا للفصول السنوية وطقس الجو وهبوب نوع من الرياح الأربع، وأن لونه الأخضر يكون شديد الخضرة واللمعان فى أول الشهر وقت الزيادة فى نور القمر.
ومن الخربة إلى قوص وقفط ونحوهما من بلاد الصعيد المجاورة مسافة سبعة أيام، ومدينة قوص على شاطئ النيل الشرقى وبينها وبين قفط نحو ميلين، ونقل صاحب مسالك الأبصار عن (عبد الرحيم) كاتب مصلحة المعدن، أن معدن الزمرد فى الصحراء اللاحقة بأسوان، وله تفتيش مخصوص مشتمل على كتبة ومستخدمين على حسب ما يلزم، وجميع أجرة الشغالة ومصاريف الخفر والاستخراج تصرف من طرف السلطنة، وهذا الحجر يوجد فى جبال من الرمل يحفر عليه فيها، وقد انهارت مرارا على الشغالة وقتلتهم، والمستخرج من الزمرد يرسل إلى القاهرة، ومنها يؤخذ إلى الجهات، وهو فى وسط سلسلة جبال ممتدة شرقى النيل فى بحرى صخرة تسمى (قرقشندة) من ضمن السلسلة المذكورة، ومرتفعة فوق الجميع، والصحراء المحيطة بها منعزلة وبعيدة عن المسكون من الأرض، وذلك المعدن فى داخل غار طويل من حجر أبيض، والزمرد ملتبس به، وبينه وبين الماء مسافة نصف يوم، وهو بركة من ماء المطر تزيد وتنقص بحسب كثرة المطر وقلته.