للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه ذلك فأخرجه من الزاوية وقال: ما أخرجته لأجل إزالة المنكر وإنما هو لإطلاق بصره رأى المنكر والفقير لا يجاوز بصره موضع قدميه.

وكان الشيخ عبادة أحد أعيان السادة المالكية ينكر على سيدى مدين ، ويقول: إيش هذه الطريق التى يزعم هؤلاء نحن لا نعرف إلا الشرع. فلما انقلب بعض أصحاب الشيخ عبادة إلى سيدى مدين وصحبوه وتركوا حضور درسه ازداد انكارا؛ فأرسل سيدى مدين وراءه يدعوه إلى حضور مولده الكبير الذى يعمل له فى كل سنة فحضر، فقال الشيخ: لا أحد يتحرك ولا يقوم ولا يفسح له فوقف الشيخ عبادة فى صحن الزاوية حتى كاد يتمزق من الغيظ ساعة طويلة، ثم رفع سيدى مدين رأسه وقال: افسحوا للشيخ عبادة. فأجلسه بجانبه، وقال له: سؤال حضر. فقال الشيخ عبادة: سل. فقال: هل يجوز عندكم القيام للمشركين مع عدم الخوف من شرهم؟.

فقال: لا. فقال سيدى مدين: بالله عليك أغضبت حين لم يقم لك أحد؟. فقال:

نعم. فقال: لو قال لك إنسان لا أرضى عليك إلا إذا كنت تعظمنى كما تعظم ربك ماذا تقول له؟. قال: أقول له كفرت. فدارت فيه الكلمة فانتصب قائما على رؤوس الأشهاد وقال: ألا اشهدوا أننى قد أسلمت على يد سيدى مدين. ولازمه إلى أن مات رحمه الله تعالى ودفن فى تربة الفقراء.

ووقائع سيدى مدين وكراماته كثيرة شهيرة بين مريديه وغيرهم. توفى سنة نيف وخمسين وثمانمائة.

[ترجمة سيدى محمد الشويمى]

ومن أصحابه سيدى محمد الشويمى المدفون قبالة قبره كان من أرباب الأحوال العظيمة، وكان يعمل هلالات المآذن والضبب، وكان يجلس بعيدا عن سيدى مدين وكل من مر على خاطره شئ قبيح يسحب العصا وينزل عليه.

وكان يقول لأصحابه: عليكم بذكر الله تعالى تقضى لكم جميع حوائجكم، وهو الذى زرع الخروبة التى هى قريب من التيه فى طريق الحجاز حين توضأ سيدى مدين لما سافر إلى الحج، ووقائعه كثيرة مشهورة.

مات بعد سيدى مدين ودفن قبالة قبره كما تقدم.