منبرا من الخشب النقى ودكة تبليغ وسقفه بالخشب وفرش أرضة بالبلاط، وجعل له ميضأة كبيرة وستة عشر مرحاضا ومغطسا ومنارة قصيرة تشرف على الشارع وجعل بابه على الشارع وحوله شبابيك حسنة الوضع، ومكث فى بنائه أقل من سنة وصدر له الإذن من الخديوى إسماعيل بإقامة الجمعة فيه فأقامها به سنة تسع وثمانين ومائتين وألف، وعمل سماطا واسعا دعا إليه كثيرا من الأمراء والعلماء وغيرهم، وفى ابتداء العمارة شرع فى حفر بئر له فظهرت ساقية بوجهين من بناء السلطان قلاوون فأخرج ما فيها من الردم فوجدها متينة معينة فاستعملها للجامع والحمام، وكان بجوار هذه الدار ضريح ظاهر يزار يعرف بضريح الشنوانى ومعه أضرحة أخر؛ فأدخل الجميع فى حدود الجامع وجدد لهم أضرحة وجعل على الجميع مقصورة من الخشب، وبنى لنفسه بجوارهم مدفنا بإذن حاكم الوقت الخديو إسماعيل إكراما له مع منعه من الدفن داخل العمران حفظا للصحة. فأما الشنوانى فمدفنه هناك معروف مشهور واسمه أحمد وقد ترجمه المناوى فى طبقاته فارجع إليها.
[ترجمة القضاعى أبى عبد الله]
وأما من معه من أصحاب الأضرحة فقد سمع من أفواه المشايخ: أن أحدهما الخطيب القزوينى صاحب تلخيص المفتاح، ويزعمون أن الآخر هو أبو عبد الله محمد القضاعى ودليلهم أن الخطة هناك كانت تعرف بخطة القضاعى، وليس كذلك فإن القضاعى هذا وأباه مدفونان فى القرافة الكبرى كما قال السخاوى فى تحفة الأحباب، ونصه: أما الشقة الأولى من البقعة الكبرى من القرافة فقد ذكرنا منها ما بين مسجد الأمن إلى مقبرة القضاعين فإنها معدودة من مدافن الشقة الوسطى، فأول ذلك قبر العلامة أبى عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعى قاضى مصر كان إماما عالما زاهدا رحل إلى البلاد فى طلب العلم ووصلى إلى الحجاز والشام والقسطنطينية، وسمع الحديث بمكة وألف الكتب منها: كتابه فى تفسير القرآن عشرين مجلدا، وكتاب الشهاب، وكتاب منثور الحكم، وكتاب الأعداد وغير ذلك.
وكان الفاطميون يعظمونه وكان يبعث أولاده بالليل إلى بيوت الأرامل بالصدقة وإذا أعجبه طعام تصدق به، وشهرته تغنى عن الإطناب فى مناقبه.
توفى سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
وبالمقبرة أيضا أبوه سلامة بن جعفر بن على بن عبد الله القضاعى صاحب الخطط، كان من علماء المصريين وكان يكتب العلم عن المزنى ويكتب فى اليوم مائة سطر فلا ينام