وحصل الكلام فى طريقة يسير عليها الأزهر حيث إن شيخه أقعده الكبر، وانحط الرأى على توكيل أربعة من العلماء، وصدر الأمر للشيخ مصطفى العروسى بعقد جمعية من العلماء لانتخاب أربعة يكون هو رئيسهم، فانتخب الشيخ أحمد كبوه العدوى المالكى والشيخ إسماعيل الحلبى الحنفى والشيخ خليفة الفشى الشافعى والشيخ مصطفى الصاوى الشافعى شيخ رواق معمر، ولما قدم المرحوم سعيد باشا من الزيارة وبلغه الخبر أحضر خير الدين باشا وعنفه، ويقال إنه ضربه بالجزمة ثم طرده وبعد قليل مات غريقا.
[تولية الشيخ مصطفى العروسى]
ثم بعد موت الشيخ بقى الأزهر بلا شيخ بل بوكالة الأربعة، إلى أن كانت سنة إحدى وثمانين فتقلد المشيخة الشيخ مصطفى العروسى كأبيه وجده (وترجمنا الجميع فى الكلام على منية عروس) وكان قد ترك القراءة بالأزهر فعاد إليها وخافته المشايخ والطلبه، وكان مشغوفا بإبطال بدع كثيرة فأبطل الشحاذة بالقرآن فى الطرقات، وأقام جماعة ممن يدرس بالأزهر بلا استحقاق، وعزم على عمل الامتحان ففاجأه العزل عن المنصب فى سنة سبع وثمانين ومائتين وألف.
[تولية الشيخ محمد المهدى العباسى الحفنى]
وتقلدها بعده الشيخ محمد المهدى العباسى الحفنى الحنفى، وهذا أول انتقالها إلى علماء الحنفية، فسار فيها سيرا حسنا ودان له الخاص والعام من أهل الأزهر، وزاد الأمراء فى تعظيمه، وقلت على يديه الشرور والمفاسد فى الأزهر، وكثرت به المرتبات من النقود والكساوى والجرايات المتجددة والمحياة بعد موتها، فقد كان للأزهر مرتبات كثيرة اضمحلت وتنوسيت، فحرى الكثير منها على أهله حتى صار لأكثرهم اسم فى الروزنامجة وغيرها وأثرى كثير منهم، وخلعت عليهم الخلع ودعوا فى المجامع الشريفة خصوصا بالامتحان الذى تقرر لمن يريد التصدر للتدريس، وله تحرّ بليغ فى صرف الاستحقاقات والمشى على شروط الوافقين وقوانين الحكام، حتى إن المجاور إذا رأى من مشايخ بلده تعديا عليه بنظمه فى سلك الفلاحين الذين يجرفون الجسور مثلا، وأراد الاحتماء بالأزهر بأخذ شهادة من المشايخ أنه مجاور بالأزهر، فلا يمكنه الشيخ من ذلك إلا إذا امتحنه بنفسه فى الكتب التى يدعى أنه حضرها أوفى حفظ القرآن، وكان للشيخ درس بالأزهر. ثم لازم القراءة فى بيته (وله ترجمة ذكرناها عند الكلام على ناحية يهيا الجيزية).
ثم كانت العادة أن للسادة المالكية شيخا يتكلم عليهم وتكون درجته قريبة من درجة شيخ