وقد نشأ من هذه القرية جماعة من أفاضل العلماء، وأرباب الوظائف، ففى ابن إياس أيضا: أن من هذه القرية نور الدين على الميمونى، نقيب قاضى قضاة الشافعية بمصر فى زمن ملك الأمراء خير بك، وقد وقعت له أمور غيرت عليه إسكندر بك أحد أمراء ابن عثمان.
وذلك أن إسكندر كان قد حضر إلى مصر عوضا عن سنان باشا، وكان يعارض قضاة القضاة فى الأحكام الشرعية، فتكلم فيه نور الدين عند ملك الأمراء، وبلغ إسكندر ذلك فحنق عليه، وتحصل من ملك الأمراء على الإذن بنفى نور الدين، فنفاه إلى دمنهور فى يوم الخميس عاشر رجب سنة خمس وعشرين وتسعمائة.
ومن ذلك الحين رسم ملك الأمراء بإبطال نقباء قضاة القضاة الأربعة، فعزل من النقابة شهاب الدين أحمد بن سيرين نقيب قاضى القضاة الحنفى، وعزل شمس الدين الدميرى نقيب قاضى القضاة المالكى، ونقيب قاضى القضاة الحنبلى، ومنع جماعة من الوكلاء والرسل، وحصل لقضاة القضاة منه غاية التعب، وبقى الأمر على ذلك إلى أن استهل رمضان، فطلع القضاة الأربعة /القلعة، لتهنئة ملك الأمراء بالشهر. وكانت العادة أن يهنأ حاكم مصر بالشهر، وكان يخلع حينئذ على القضاة والأمراء والمباشرين وأرباب الوظائف، ثم بطل ذلك من تلك السنة إلى الآن.
فعند حضورهم للتهنئة تكلم قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل فى العفو عن نقيبه نور الدين على الميمونى، فقبله ملك الأمراء، ورسم بإعادته إلى مصر، بشرط أن لا يتكلم فى النقابة بباب القاضى أبدا، وأبطل إتخاذ القضاة النقباء، واستمر الأمر على ذلك.
ثم فى يوم السبت سادس عشر المحرّم سنة سبع وعشرين، حضر القاضى حمزة من طرف ابن عثمان، فجمع ملك الأمراء قضاة القضاة الأربعة بالحوش