للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطانى، وتكلم معهم فيما يقع من النواب من المخالفات، وانفض المجلس على أن كل قاضى من الأربعة يقتصر على سبعة من النواب، وأن النائب يجلس فى نوبته فى بيت قاضى القضاة، ويسمع الدعوى هناك بمفرده، وأن يؤخذ فى العقد على البكر ستون نصفا، وعلى الثيب ثلاثون، يأخذ العاقد والشهود جانبا، والباقى يحمل إلى بيت الوالى، وأن لا يتزوج أحد ولا يطلق إلا فى بيت قاضى من الأربعة، وأن تبطل الوكالة من المدرسة الصالحية، وأن القضاة يمشون على النسق العثمانى.

فأضطربت أحوال القضاة والشهود، وصار مقدم الوالى والجعلية يأتون كل يوم إلى بيت قاضى من القضاة الأربعة، فيجلسون إلى بعد العصر، ويأخذون ما تحصل من عقود الأنكحة إلى بيت الوالى، وصارت غرامة المتزوّج أو المطلق أربع أشرفيات، فامتنع الزواج والطلاق، وأمر القاضى بركات بن موسى المحتسب وصحبته الوالى، أن ينادى فى القاهرة أن لا قاضى ولا شاهد يحكم فى المدرسة الصالحية، وأن كل نائب من السبعة يحكم يوما ويسمع الدعوى فى بيت مستنيبه، وأن يكون لكل نائب شاهدان فقط، وخلت المدرسة الصالحية، وصار لا يلوح بها قاضى ولا شاهد.

ولما عم الضرر العامة والخاصة، ولحق العلم والعلماء ما لا مزيد عليه من الإهمال والتنكيل، توجه عدة من أعيان المشايخ إلى ملك الأمراء بالقلعة، منهم: الشيخ شمس الدين محمد اللقانى، والشيخ شمس الدين محمد الديروطى، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الحلبى وجماعة، وتكلموا معه فى هذه الأمور المخالفة للشريعة الشريفة، وأطالوا فى ذلك وأوردوا مواعظ وآيات وأحاديث، فلم يتعظ، ولم يرجع عما هو عليه، وقال مخاطبا للشيخ اللقانى: يا سيدى إيش أكون أنا، الخنكار رسم بذلك، وقال: امشوا فى مصر على النسق العثمانى: فقال له شخص من أهل العلم، يقال له عيسى المغربى: هذا نسق الكفر، فحنق عليه ملك الأمراء، ورسم بتسليمه للوالى ليعاقبه، فأخذ إلى بيت الوالى ثم شفع فيه، وقام المشايخ من مجلسه متنكدين.