للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولست ممن قنع عن الدر بالصدف، واقتنى علوما لم يؤمر بها فاستغرقت فيها همته حتى زلّت به قدم الغرور فى مهواة من التّلف، وكل ما تذروه رياح الموت فالهمة تقتضى تركه والسلام.

ومن كلامه رضى الله تعالى عنه: حقيقة المحبة أرق بلارقاد، وجسم بلا فؤاد، وتهتك فى العباد وتشرد فى البلاد.

مات رحمه الله تعالى بمصر ودفن بالقرافة بقرب الشافعى فى التربة التى بها المزنى وبينه وبين المزنى قبر الخياط كان من أكابر الصالحين. كذا ذكره المناوى فى طبقاته، ودفن فى ذلك المكان أيضا الشيخ مرجان الحسنى وغيره.

وفى داخل قبة الشافعى قبور أولاد عبد الحكم أصحاب هذا المكان الذى دفن فيه الشافعى وقبر السلطان عثمان وأمه شمسة.

قال النابلسى (١) أيضا: ثم جلسنا بعد الزيارة حصة عند الناظر الشيخ محمد الكلبى من ذرية دحية الكلبىّ الصحابى المشهور، وهو رجل من الصالحين له النظر والخدمة فى مزار الإمام الشافعى ، ثم خرجنا فزرنا بحذاء شباك القبة من الخارج قبر البازى من أئمة الشافعية مع قبور أخر، ثم دخلنا إلى مقامات السادات البكرية بالجانب الغربى من قبة الإمام فوجدنا هناك مكانا عظيما واسع الجوانب يحوى هيبة وشرفا، وهو مسقوف بالسقف اللطيفة ومفروش بالبسط الفاخرة المنيفة فزرنا قبر الشيخ محمد البكرى الكبير الملقب بأبيض الوجه صاحب المعارف الإلهية والحقائق الربانية والقدر الخطير.

وله الديوان المشهور والرسائل المفيدة والكلام الذى كله نور، وعلى قبره الثوب الأخضر والهيبة والجلال.

[ترجمة الشيخ محمد البكرى]

قال المناوى فى الطبقات: فيمن مات بالتسعمائة محمد البكرى شيخ الإسلام علم الحرمين ومصر والشام، أخذ علوم الشرع والتصوف عن أبيه شيخ الإسلام أبى الحسن، وتفقه على جماعة أيضا منهم الشهاب عميرة البرلسى، ورزق من القبول والحظ التام عند الخاص والعام ما لا تضبطه الأقلام.

وكان فصيح اللسان ذكى العصر والزمان يلقى دروسا فى التفسير محررة موشحة بمناقشات كبار المفسرين كالزمخشرى وأضرابه، ويأتى فى ذلك بما تقربه العيون


(١) راجع (الحقيقة والمجاز فى الرحلة إلى بلاد الشام ومصر للنابلسى ص ٣٢ «ط» الهيئة).