ويحسن أن نذكر هنا قصور الخلفاء الفاطميين، وما آلت إليه بعدهم بوجه وجيز فنقول:
اعلم أنه كان للخلفاء الفاطميين بالقاهرة وظواهرها قصور ومناظر منها القصر الكبير الشرقى الذى وضعه القائد جوهر لسيده المعز لدين الله، وهو الذى فى مساحته الآن المشهد الحسينى وبيت القاضى والمدارس الصالحية وغيرها كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، فإن هذا القصر كان عظيم السعة جدا، وكان فى الجهة الشرقية من القاهرة، فلذا عرف بالقصر الكبير الشرقى وكان يسمى أيضا بالقصر المعزى وضع أساسه مع أساس سور القاهرة فى ليلة الأربعاء الثامن عشر من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وأدار عليه سورا محيطا به فى سنة ستين وثلاثمائة وكان يسكنه الخلفاء الفاطميون وأولادهم.
ثم لما استبدّ السلطان صلاح الدين يوسف بسلطنة مصر أخذه، وأخرج من كان به فكان به اثنا عشر ألف نسمة ليس فيهم فحل إلا الخليفة وأهله وأولاده، فأسكنهم دار المظفر بحارة برجوان - التى من ضمنها الآن دار سليم أغا السلحدار - وكانت تعرف بدار الضيافة، وكان فى مقابلة القصر الشرقى القصر الصغير الغربى، ولما أزال السلطان صلاح الدين الدولة الفاطمية أعطى القصر الكبير لأمراء دولته، وأنزلهم فيه فسكنوه، وأعطى القصر الصغير الغربى لأخيه الملك العادل سيف الدين فسكنه، وفيه ولد له ابنه الكامل ناصر الدين محمد.
ثم لما انتقل السلطان الكامل هذا من دار الوزارة بالقاهرة إلى قلعة الجبل نقل معه أولاد الخلفاء من دار المظفر، واعتقلهم بالقلعة، ولم تزل بقيتهم معتقلين بها إلى أن استبد السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى، فأمر فى سنة ستين وستمائة بالإشهاد على من بقى منهم بأن جميع الأملاك الداخلة فى القصر الشرقى وفى القصر الغربى صارت من حقوق بيت المال.
ومنها القصر الصغير كان تجاه القصر الكبير فى غربيه ويعرف بالقصر الغربى، ومكانه حيث المارستان المنصورى وما فى صفه من المدارس ودار الأمير بيبرس وباب قبو الخرنفش وربع الملك الكامل المطل على سوق الدجاجين اليوم المعروف قديما بسوق التبانيين وما يجاوره من الدرب المعروف بدرب الخضيرى تجاه الجامع الأقمر وما وراء هذه الأماكن إلى الخليج.
وكان هذا القصر يعرف أيضا بقصر البحر والذى بناه العزيز بالله نزار بن المعز وتممّه الخليفة المستنصر سنة تسع وخمسين وأربعمائة وسكنه، وغرم عليه ألفى ألف دينار، وكان سبب بنائه أنه عزم على أن يجعله منزلا للخليفة القائم بأمر الله صاحب بغداد ويجمع بنى العباس إليه، ويجعله كالمجلس لهم، فخانه أمله، وأتمه فى هذه السنة الخليفة المستنصر، وجعله لنفسه وسكنه