للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن ميسر إن ست الملك أخت الحاكم كانت أكبر من أخيها الحاكم، وأن والدها العزيز بالله كان قد أفردها بسكنى القصر الغربى، وجعل لها طائفة برسمها كانوا يسمون بالقصرية، وهذا يدلك على أن القصر الغربى كان قد بنى قبل المستنصر وهو الصحيح. (اه).

ومن هنا يؤخذ أن طول هذا القصر على الشارع مائتان وخمسة وسبعون مترا، ومن الشارع إلى الخليج أربعمائة متر وخمسة وستون مترا، فتكون مساحته على هذا زيادة عن ثلثمائة فدان، وكان يشتمل على ميدان بجواره، ويعرف هذا الميدان اليوم بالخرنفش، واصطبل القطبية.

وكان من حقوق هذا القصر البستان الكافورى الذى أنشأه الأمير أبو بكر محمد بن طغج ابن جف الإخشيد أمير مصر، وكان مطلا على الخليج. واهتم بشأنه من بعد الإخشيد ابناه الأمير أبو القاسم أونوجور والأمير أبو الحسن على فى أيام إمارتهما بعد أبيهما، فلما استبدّ الأستاذ أبو المسك كافور الإخشيدى بإمارة مصر كان كثيرا ما يتنزه به، ويواصل الركوب إلى الميدان.

فلما قدم القائد جوهر من المغرب بجيوش مولاه المعز لأخذ ديار مصر أناخ بجوار هذا البستان، وجعله من جملة القاهرة، وكان منتزها للخلفاء الفاطميين مدة أيامهم، وكانوا يتواصلون إليه من سرداب مبنى تحت الأرض ينزلون إليه من القصر الكبير الشرقى ويسيرون فيه بالدواب إلى البستان الكافورى ومناظر اللؤلؤة بحيث لا تراهم الأعين.

وما زال البستان عامرا إلى أن زالت الدولة الفاطمية فحكر وبنى فيه فى سنة إحدى وخمسين وستمائة. وأما القباب والسراديب فإنها عملت أسربة للمراحيض، وهى باقية إلى يومنا هذا تصب فى الخليج. (اه).

وبالتأمل لما تقدم ولما قاله المقريزى فى منظرة اللؤلؤة وما قاله فى خط بين السورين يعلم أن القصر كان يشرف على البستان من غربيه، وكان الداخل من قبو الخرنفش يكون فى الميدان ويتوصل إلى البستان وإلى اللؤلؤة وغير ذلك.

وكان للقصر الشرقى تسعة أبواب فى سوره؛ أجلّها وأعظمها باب الذهب فإنه كانت تدخل منه المواكب وجميع أهل الدولة، وكان تجاه المارستان المنصورى الآن، ومحله محراب المدرسة الظاهرية، يعنى أنه كان بعيدا عن الشارع الآن بقدر سبعين مترا تقريبا، وهذا خلاف عرض الشارع فى وقتنا هذا، فإنه يقرب من خمسة عشر مترا فى أوسع أنحائه فيبلغ خمسة وثمانين مترا، وحيث إنه كان ميدانا يقف فيه عشرة آلاف من العسكر - كما فى الخطط - فلا بد أن عرضه كان بالأقل نحو مائة متر. وعلى ذلك يكون المارستان زحف عن أصل بنائه القديم ودخله شئ من أرض الميدان.