البر الشرقى حجرية صعبة السلوك ذات صعود وهبوط يندر وجود الرمل فيها، ومسافتها إلى دنقلة الأردى ثمانية أيام بسير الهجين المعتاد، وعشرة أيام بسير القافلة، وفى آخر كل يوم ترد القافلة النيل للاستقاء، وحمل الماء اللازم إلى اليوم الثانى، ولا يسار فى هذه الطريق إلا بخبراء من عرب تلك الجهات، وأجرة الجمل من حلفا إلى شرقى دنقلة الأردى مائة فريض ديوانى.
[مطلب فى عوائد العرب المسافرين بالقافلة]
وحمل الجمل فيها من أربعة قناطير إلى خمسة، وعلى الجمال كل ما يلزم لحمل الأحمال، كالحبال الليف، والأقتاب، وغيرها، ومع صعوبتها فهى فى غاية الأمن، ويجد المسافر فيها فى القرى التى يمرّ عليها ما يحتاجه كاللحم، والطير، والسمن، واللبن، والتمر، وغير ذلك.
ويلزم من لا عادة له على السفر، أن يجعل سيره على التدريج، بأن يسافر أول يوم نحو أربع ساعات، وثانى يوم أكثر من ذلك، وهكذا حتى يتمكن من سير كل اليوم، بل وجزء من الليل، ومؤنة العرب والجمالة المسافرين مع القافلة تكون عادة من الذرة، يطبخونها حبّا ويسمونها بليلة، والعرب المخصصون لحمل الترحيلات العسكرية أو التجارية هم عرب الكبابيش، وعرب الهواوير، وعرب البشارية وجميعهم من مديرية دنقلة، ومن عوائدهم اللازمة أنهم عند كل صعود ولو قليلا يقولون بصوت عال:[عبد القادر عبد القادر يا كيلانى يا خفير الحوايا] ويكررونها مرات، وكذا عند الرحيل والنزول ويسمون الصعود القليل عقيبة بالتصغير والكبير عقبة بالتكبير.
وبعد تحميل الجمال فى أى وقت، ويسمونه وقت الشديد، يقول الجمال عند نهوض الجمل:[يا شيخ عبد القادر يا كيلانى].
فإذا قرب انتهاء السفر، وظهرت لهم البلد التى يقصدونها، يقومون أمام المسافرين ويرقصون، ويصفقون؛ لأجل أخذ البقشيش، ويسمونه حلاوة السلامة.