للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد موت الشيخ العروسى سنة ثمان ومائتين وألف انتقلت مشيخة الأزهر للشيخ عبد الله بن حجازى الشرقاوى، ولد فى حدود الخمسين بعد المائة وتوفى سنة سبع وعشرين بعد المائتين (وقد بسطنا ترجمته وما وقع له مع الحكام والفرنسيس فى الكلام على بلدته الطويلة) وقد وقع فى مدته حوادث كثيرة، فمن ذلك ما اتفق له فى أيام الأمراء المصريين أن طائفة المجاورين بالأزهر من الشرقاويين كانوا قاطنين بالطيبرسية وعمل لهم خزائن برواق معمر، فوقع بينهم وبين سكانه مشاجرة وضربوا نقيب الرواق، فكان ذلك سببا لبناء رواق الشرقاويين كما ذكرنا فى الكلام على الأروقة.

وفى سنة تسع ومائتين بعد الألف حضر إليه أهل قرية بشرقية بلبيس له فيها حصة وذكروا له أن أتباع محمد بيك الألفى ظلموهم وطلبوا منهم مالا لا قدرة لهم عليه، فاغتاظ من ذلك وحضر إلى الأزهر وجمع المشايخ وقفلوا أبواب الجامع، وذلك بعد أن خاطب مراد بيك وإبراهيم بيك فلم يبديا شيئا، وأمر المشايخ الناس بغلق الأسواق والحوانيت ثم ركبوا ثانى يوم إلى بيت السادات وتبعهم كثير من العامة، وازدحموا أمام الباب والبركة بحيث يراهم إبراهيم بيك، فأرسل إليهم أيوب بيك الدفتردار فوقف بين أيديهم وسألهم عن مرادهم فقالوا: نريد العدل وإبطال الحوادث والمكوسات التى ابتدعتموها. فقال: لا يمكن الإجابة إلى هذا كله، فإنا إن فعلنا ذلك ضاقت علينا المعايش. فقالوا له: ليس هذا بعذر عند الله، وما الباعث على الإكتار من النفقات والمماليك؟ والأمير يكون أميرا بالإعطاء لا بالأخذ. فقال:

حتى أبلغ. وانصرف وانفض المجلس وركب المشايخ إلى الجامع الأزهر واجتمع أهل الأطراف وباتوا به، فبعث مراد بيك يقول: أجيبكم إلى جميع ما ذكرتموه إلا شيئين، ديوان بولاق وطلبكم المتأخر من الجامكية، ثم طلب أربعة مشايخ عينهم بأسمائهم فذهبوا إليه بالجيزة فلاطفهم والتمس منهم السعى فى الصلح، وفى اليوم الثالث اجتمع الأمراء والمشايخ فى بيت إبراهيم بيك وفيهم الشيخ الشرقاوى، وانعقد الصلح على رفع المظالم ما عدا ديوان بولاق وأن يكفوا أتباعهم عن مد أيديهم إلى أموال الناس ويسيروا فى الناس سيرة حسنة.

وكتب القاضى حجة بذلك وفر من عليها الباشا والأمراء، وانجلت الفتنة وفرح الناس وسكن الحال نحو شهر، ثم عاد إلى أصله وزيادة.

[دخول الفرنساوية]

ومن حوادث الأزهر أيضا ما وقع له فى وقعة دخول الفرنساوية مصر، أنهم لما ظهرت غلبتهم على مصر وملكوا القلعة وغيرها، أرسل كبيرهم إلى مشايخ الأزهر مراسلة فلم يجيبوه عنها ومل من المطاولة، فعند ذلك ضربوا بالمدافع والبنبات والبنادق على البيوت