وتوفى يوم الأحد من شهر القعدة سنة إحدى وتسعمائة ودفن بقبة بناها بتربة بالصحراء شرقى القاهرة وقبره ظاهر يزار.
وكان ملكا جليلا وسلطانا نبيلا، له اليد الطولى فى الخيرات، والطول الكامل فى إسداء المبرات، وكانت أيامه كالطراز المذهب وهو واسطة عقد ملوك الجراكسة وأطولهم مدة، وسار فى المملكة بشهامة/ما سارها ملك قبله من عهد الناصر محمد بن قلاوون بحيث إنه سافر من مصر إلى الفرات فى طائفة يسيرة من الجند، ولم يول بمصر صاحب وظيفة دينية إلا من كان أصلح الموجودين بعد طول تروية وتمهلة، وسافر إلى الحجاز برسم الحج سنة أربع وثمانين قبل حريق المسجد النبوى فبدأ بزيارة المدينة وفرق فيها ستة آلاف دينار، ثم قدم مكة وفرق بها خمسة آلاف دينار وحج وعاد وزينت البلد لقدومه.
وأنشأ بمكة عند باب السلام مدرسة لطيفة وقرر بها شيخا وصوفية، وبجانبها رباطا للفقراء، وعمل بالمدينة المنورة مدرسة وجدد المنبر والحجر ورتب لأهل المدينة والواردين لها ما يكفيهم، وعمل ببيت المقدس مدرسة.
وأنشأ الميضأة بالجامع الأزهر والفسقية المعتبرة والسبيل والمكتب بباب الأزهر، والمقام الأحمدى، والمقام الدسوقى، وعمل مدرسة بثغر دمياط وجامعا بصالحية قطيا، وجدد من جامع عمر وبعض جهاته وعمر مدرسة بغزة، واجتهد فى بناء المشاعر كعمارة مسجد الخيف بمنى ومسجد نمرة بعرفات، وعمر بركة خليص وأجرى العين إليها وعمر عين عرفات بعد انقطاعها نحو مائة وخمسين سنة وساقية العباس، وأصلح ما بين زمزم وأرسل إلى المسجد الحرام منبرا عظيما، وله بمصر عدة مساجد وسقايات وعمارات نفيسة ومسجد بالروضة كان فى الأصل مسجد للفخر كاتب المماليك البحرية، انتهى.
[جامع قايتباى الرماح]
هذا الجامع تحت القلعة بالقرب من ميدان محمد على، له باب كبير جهة الميدان عليه تاريخ سنة تسعمائة وثلاثين، وباب آخر داخل درب اللبانة وهو مقام الشعائر وبه قبة مرتفعة على قبر يقال: أنه قبر قايتباى الرماح وقبر آخر لولده محمد الرماح، وبه مكتب وله أوقاف تحت نظر الديوان.