وهكذا كانت الفتن تتكرر، حتى مات فى إحداها الحافظ سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
وفى أيامه بنى الوزير يانس الحارة اليانسية لعساكره، خارج باب زويلة.
[[الظافر والفائز]]
وولى الخلافة بعد الحافظ ابنه الظافر بأمر الله أبو منصور إسماعيل، فأقام أربع سنين، وبعض الخامسة ثم قتل، وكان محكوما عليه من الوزارة، وفى أيامه أخذت عسقلان، وظهر الخلل فى الدولة وكان كثير اللهو واللعب، وهو الذى أنشأ الجامع الأفخر، الذى عرف بالظافرى ويجامع الفاكهيين، ويعرف الآن بجامع الفاكهانى فى شارع العقّادين.
ولما قتل الظافر ولى الخلافة بعده ابنه الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى الفائز، وبنى المسجد الحسينى داخل باب الديلم من أبواب القصر لما نقل الوزير الصالح طلائع ابن رزيك الرأس الشريف من مسجد عسقلان ودخل به القاهرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، ووضعه بمكان من البستان الكافورى، ثم نقله إلى المشهد. وكان المرور بالرأس الشريف من السرداب المتصل بالقصر والبستان الكافورى، وكان دفنه بموضعه الآن.
وبنى أيضا جامع الصالح طلائع خارج باب زويلة، لجعله مدفنا للرأس الشريف، فلم يمكنه أهل القصر من ذلك، وحدثت حارة الصالحية.
[[النزاع بين شاور وشيركوه]]
ولما مات الفائز أقام الصالح بن رزيك فى الخلافة بعده العاضد لدين الله، وكان عمره إحدى عشرة سنة، وقام الصالح بتدبير الأمور إلى أن قتل فى رمضان سنة ست وخمسين وخمسمائة، فقام من بعده ابنه رزيك بن طلائع، وحسنت سيرته، فعزل شاور بن مجير السعدى عن ولاية قوص، فلم يقبل العزل، وحشد، وسار على طريق الواحات فى البرية إلى تروجه (وهى بلدة قديمة بمديرية البحيرة صارت الآن خرابا)، فجمع الناس وسار إلى القاهرة، فلم يلبث رزيك أن فرّ، فقبض عليه بإطفيح، واستقر شاور بن مجير السعدى فى الوزارة، إلى أوائل صفر سنة تسع وخمسين وخمسمائة، والخليفة يومئذ العاضد لدين الله عبد الله بن يوسف اسم لا معنى له. وتلقب شاور بأمير الجيوش، وأخذ أموال بنى رزيك، وأقام فى الوزارة إلى أن ثار ضرغام صاحب الباب، ففرّ منه شاور إلى الشام، واستبدّ ضرغام بسلطنة مصر.
فكان بمصر فى هذه السنة ثلاثة وزراءهم: العادل رزيك بن طلائع بن رزيك، وشاور ابن مجير السعدى، وضرغام. فأساء ضرغام السيرة، وقتل أمراء الدولة، فضعفت يسبب