حتى وردت السعاة بتصحيح ذلك وشاع بين الناس وصاروا يتعجبون ويتلون قوله تعالى: ﴿(حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ)﴾ (١). وذلك أنه لما تم له الأمر وملك البلاد المصرية والشامية وأذعن الجميع لطاعته أرسل إسماعيل أغا أخا على بيك الغزاوى إلى اسلامبول يطلب أمر مصر والشام، وأرسل صحبته أموالا وهدايا فأجيب إلى ذلك وأعطوه التقاليد والخلع واليرق والداقم؛ فأرسل له يبشره بتمام الأمر فوافاه ذلك يوم دخول عكا فامتلأ فرحا وحم بدنه فى الحال فأقام محموما ثلاثة أيام ومات ليلة الأربعاء ثامن ربيع الأول سنة تسع وثمانين ومائة وألف وأخفوا موته على بعضهم، ثم ظهر ذلك وارتبك العرضى وجردوا على/بعضهم السلاح بسبب الأموال؛ فحضر مراد بيك وصدهم وكفهم عن بعضهم وجمع كبراءهم وتشاوروا فى أمرهم؛ فاتفق رأيهم على الرحيل وأخذوا رمة سيدهم صحبتهم فعند ذلك غسلوه وكفنوه ولفوه فى المشمعات ووضعوه فى عربة وارتحلوا طالبين الديار المصرية؛ فوصلوا فى ستة عشر يوما ليلة الرابع والعشرين من شهر ربيع الثانى أواخر النهار وأرادوا دفنه بالقرافة؛ فحضر الشيخ على الصعيدى وأشار بدفنه فى مدرسته تجاه الجامع الأزهر فحفروا له قبرا فى الإيوان الصغير الشرقى وبنوه ليلا، ولما أصبح النهار عملوا له مشهدا وخرجوا بجنازته من بيته الذى بقوصون، ومشى أمامه المشايخ والعلماء والأمراء وجميع الأحزاب والأوراد وأولاد المكاتب وأمام نعشه مجامر العنبر والعود حتى وصلو به إلى مدفنه، وعملوا عنده عدة ختمات وقراآت وصدقات نحو الأربعين يوما، انتهى؛ فسبحان مالك الممالك الحى الذى لا يموت.
[وقفية محمد بيك أبى الذهب]
وفى كتاب وقفيته المؤرخ بثمانية من شوال سنة ثمان وثمانين ومائة وألف: أنه وقف ذلك المسجد والتكية والصهريج والحوض بخط الأزهر، ووقف فى أسفل المسجد ثلاثة وثلاثين حانوتا وتسع خزائن فوقها تسعة مقاعد، وفى خان الزركشية سبعة عشر حاصلا وعشر طباق وفى ربع ذلك الخان ثلاثة بيوت، وبجوار باب الخان حانوتا وحانوتا بجوار وكالة قايتباى وعمارة ببولاق على شط البحر بظاهر وكالة الخرنوب تعرف بعمارة على بك أمير اللواء تشتمل على قيسارية بداخلها من الصفين حوانيت وخزائن، وبخارجها حوانيت وقهاو ووكالة فيها ثلاثة وعشرون حاصلا وفوقها ثمانية وعشرون مسكنا.