فدفن هناك وبنيت له قبة وهو أول خليفة دفن بمصر من العباسيين، وكان دخوله مصر سنة ستين وستمائة فى دولة السلطان بيبرس البندقدارى، وكانت مدة خلافته أربعين سنة وبجوار المشهد قبور جماعة من العباسين.
وادعى/قوم: أن السيدة نفيسة ورابعة العدوية كانتا متعاصرتين وليس كذلك.
فإن السيدة رابعة العدوية أم الخير بنت إسماعيل البصرى توفيت سنة خمس وثلاثين ومائة فى خلافة السفاح، وكان مولد السيدة نفيسة فى سنة خمس وأربعين ومائة فكان بين مولد السيدة نفيسة وموت رابعة العدوية عشر سنين اه.
ومن حوادث هذا المشهد والجامع ما فى تاريخ ابن إياس من حوادث سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة: أن العساكر العثمانية عند تغلبهم على الديار المصرية وكسرهم للسلطان طومان باى. وعساكره جاء جماعة منهم على مصر القديمة وطلعوا من على باب القرافة الكبرى إلى المشهد النفيسى، ودخلوا الفرنج وداسوا على القبر وأخذوا القناديل الفضة والشموع والبسط وغير ذلك، وقتلوا من وجدوه مختفيا هناك من المماليك الجراكسة وفعلوا ذلك فى عدة مساجد كالجامع الأزهر وجامع ابن طولون والجامع الحاكمى انتهى.
[نادرة العنز]
وفى تاريخ الجبرتى من حوادث سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف: أن خدام المشهد النفيسى أظهروا عنزا صغيرا مدربا وكان كبيرهم إذ ذاك الشيخ عبد اللطيف وزعموا: أن جماعة أسرى ببلاد النصارى توسلوا بالسيدة نفيسة ﵂، وأحضروا ذلك العنز لذبحه فى ليلة يجتمعون فيها للذكر والدعاء ويتوسلون فى خلاصهم من الأسر، فاطلع عليهم الكافر فزجرهم وسبهم ومنعهم من ذبح العنز؛ فرأى فى المنام رؤيا أهالته فأعتقهم وأعطاهم دراهم وصرفهم مكرمين، فحضروا إلى مصر ومعهم العنز وذهبوا بها إلى المشهد النفيسى وكثرت فيها الخرافات. فمن قائل: أنهم أصبحوا فوجدوها عند المقام. ومن قائل: فوق المنارة. ومن قائل: سمعناها تتكلم. ومنهم من يقول: السيدة أوصت عليها وأن الشيخ سمع كلامها من القبر، ثم أنه أبرزها للناس وجعلها بجانبه، وجعل يقول ما يقول من الخرافات التى يستجلب بها الدنيا وتسامع الناس بذلك، وأقبلوا من كل فج رجالا ونساء لزيارتها وأتوا للشيخ بالنذور والهدايا، وعرفهم: أنها لا تأكل إلا قلب اللوز والفستق ولا تشرب إلا ماء الورد والسكر المكرر فأتوه من ذلك بالقناطير وعمل الناس للعنز قلائد الذهب وأطواق الذهب وافتتنوا بها،