للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاح الدين المجاورة للإمام الشافعى ، وما كان وقفا على المارستان الكبير المنصورى، وغرس ذلك كله بساتين، فصارت تنيف على مائة وخمسين بستانا إلى وفاة الملك الناصر محمد بن قلاوون، ونصب فيها سوق كبير يباع فيه أكثر ما يطلب من المأكل.

وأنشأ الناس فيها عدة دور وجامعا، فصارت قرية كبيرة، وما زالت فى زيادة إلى أن حدثت المحن فى سنة ست وثمانمائة، فتلاشت وخرب كثير منها. وجميع أرض المهمشة وقرية الزاوية الحمراء إلى شبرا وسرياقوس هى من أرض هذه الجزيرة، ولم تكن قرية الزاوية الحمراء إلا القرية التى حدثت إذ ذاك عوضا عن قرية كوم الريش التى ذكرها المقريزى، وكانت بقربها.

وامتدت العمارة من الجهة القبلية إلى القاهرة، وتقدم بعض ذلك أيضا، وعمر ما خرج عن باب زويلة يمنة ويسرة من قنطرة الخرق إلى الخليج الكبير، ومن باب زويلة إلى المشهد النفيسى.

وعمرت القرافة من باب القرافة إلى بركة الحبش طولا، ومن القرافة الكبرى إلى الجبل عرضا، حتى إنه استجد فى أيام الناصر محمد بن قلاوون بضع وستون حكرا، ولم يبق مكان يحكر. وأكثر هذه الأحكار فى جهة الخليج الغربية، من ابتداء قنطرة السباع إلى قنطرة باب الخرق، فأغلب الأخطاط الموجودة الآن فى هذه الجهة لم يعمر إلا فى وقته، وتنافست رجاله فى إنشاء العمارات الجليلة من البساتين الفاخرة والدور الظريفة، وأكثروا من الزينة والزخرفة فى بناء المساجد والمدارس.

وبالتأمل يظهر أن أغلب ما ذكره المقريزى من العمائر بنى فى سلطنته، فإنه كان يحب ذلك ويرغب فيه كما قدمنا.

وأنشأ السلطان على نفقته عدة عمارات باهرة، من ضمنها الميدان الكبير الناصرىّ غربى الخليج - ومحله الأرض الواقعة فى قبلى منزل الأمير أحمد باشا رشيد، وفى غربيه إلى النيل إذ ذاك. وأنشأ هناك ميدان المهارة، وبنى قصرا عظيما، وكان يتردد إليه، ومحله الأرض الواقعة على يمين السالك من الشارع إلى القصر العالى، وهى الأرض التى كانت فى يد محمد وهبى باشا، وانتقلت إلى ورثته، ثم قسّمت وبيع بعضها، وتبلغ مساحتها نحو سبعة عشر فدانا، ومنها بعض الشارع، وبعض منزل حافظ بيك رمضان.

[[القلعة فى عهد الناصر]]

واعتنى الناصر بالميدان الذى تحت القلعة، وكان قد هجر من مدة، فابتدأ فى إصلاحه سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، فاقتطع من باب الاصطبل، وهو باب العزب، إلى باب القرافة،