وكان إماما فقيها عالما، قوى الحافظة سريع الإدراك، طلق العبارة فصيحا، يتحاشى عدم الإعراب فى مخاطباته بحيث لا يضبط عليه فى ذلك شاذة ولا فاذة. وكان القاياتى يقول: إنه تخطى الناس بحفظ التدريب، وصنف تفسيرا وشرحا على البخارى لم يكمله، وأفرد فتاوى أبيه والمهم من فتاوى نفسه، والتقط حواشى أخيه على الروضة، بل جمع من حواشى أبيه وأخيه عليها، وأفرد كلا من ترجمته وترجمة والده، وله القول المفيد فى اشتراط الترتيب بين كلمتى التوحيد والخطب والتذكرة وغير ذلك واستمر على جلالته وعلو مكانته/حتى مات بعد أن توعك قليلا، فى يوم الأربعاء خامس رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة، وصلى عليه بجامع الحاكم فى محضر جمّ تقدمهم ابن الشحنة القاضى الحنفى، ودفن بجوار والده بمدرسته الشهيرة وأقاموا على قبره أياما يقرؤن، انتهى.
[(البلاص)]
قرية صغيرة من قسم قنا فى غربى النيل فى مقابلة قفط، وفيها مساجد ونخيل وأشجار، وأكثر أهلها مسلمون، وإليها تنسب الجرار البلاصى المنتفع بها، فى جميع بلاد مصر، لعملها فيها بكثرة، فيأخذون طينتها من محل مخصوص محصور بين الملق والجبل الغربى، فينزل المطر على قطعة طفلية من الجبل، فينحل منها طينة طفلية تختلط بطين الملق فيكون صالحا لهذا العمل. وكل صاحب دولاب له قطعة من تلك الأرض لا يتعداها، بأصول جارية بينهم، فيعملون تلك الجرار ونحوها ويتجرون بها فى بلاد مصر، أعلاها وأسفلها.
وبقرب تلك القرية قرية تسمى دير البلاص، وقرية تسمى طوخ، يتبعها كفر يقال له نجع أبى بلال، وفى جميعها دواليب لعمل البلاص، ولكن أشهرها فى ذلك ناحية البلاص، وعلى كل دولاب شئ مقرر من المال يدفعه ربه لجانب الديوان كل سنة.
ونقل (كترمير) عن كتاب السلوك (١) أن مما كان يؤخذ من الأهالى لجانب
(١) السلوك للمقريزى، تحقيق د. محمد مصطفى زيادة سنة ١٩٥٧ ج ١، ص ٦٦٤، حاشية ٢.