وولى بعده ابن أخيه المرحوم الحاج عباس باشا حلمى بن طوسون باشا ابن محمد على، بعد أن تنقل فى ولايات الحكومة المصرية، وولى كثيرا من فروعها، حتى تهذب وتخرج وترشح للخديوية، فسار فى شأن مصر بما فيه صلاح أهلها، وانتظام أحوالها.
ثم توفى المرحوم محمد على باشا إلى رحمة الله تعالى فى مدة حفيده المرحوم عباس باشا، ودفن بجامعه الذى أنشأه بقلعة الجبل.
وسار المرحوم عباس باشا فى أهل مصر بسيرة حسنة، وكان يسير بالليل مستخفيا فى أزقة مصر، يتعهد أحوال أهلها، وكان يحب الأولياء، خصوصا أهل البيت، ويعمل لهم الليالى الخيرية فى مساجدهم، إلى أن توفى شهيدا فى قصره الذى أنشأه ببنها ﵀.
[تولية سعيد باشا]
ثم تولى بعده عمه محمد سعيد باشا ابن المرحوم محمد على، وقد تولى قبل ذلك رياسة البحرية بعد تعلمه فنها. وكان محبا للجهادية، مولعا بجمع العساكر المصرية، مغدقا عليهم، لا يقرّ له قرار إلا معهم وفى وسطهم، وكان ملازما لعساكره، ورقى الكثير منهم فى الرتب.
وكانت تعرض عليه القضايا والمهمات وهو بينهم لا يفارقونه، أين حلّ أو ارتحل، وكان كثير التنقل بهم من مصر إلى الإسكندرية، ثم إلى مربوط، وإلى قصر النيل بالقشلاق الذى أعدّه هناك لعسكره.
ومن مهمات الأعمال التى حدثت فى عهده اتصال البحرين الأحمر والأبيض بالترعة المالحة المارة فى برزخ السويس، وأمرها من أهم المسائل السياسية الشاغلة لأفكار جميع الدول.
وسار فى شأن مصر سيرا منتظما إلى أن توفى بالإسكندرية، ودفن فى مسجد نبى الله دانيال على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام.
***
[تولية الخديو إسماعيل باشا]
ثم تولى بعده الخديو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد على. وكان قبل ذلك متقلبا فى مهمات ولايات الحكومة المصرية، خبيرا بأحوالها، شاربا من جميع مناهلها، حنكته تجاربها، فسار فى أمر الحكومة المصرية سالكا سبيل التمدن والحضارة، ناهجا منهج الترفه والثروة والبهجة