من ذلك، لكن يلزم حينئذ عمل الطريقة التى تدعو التجار الأجانب إلى الرغبة فيه، بأن يخلص من المواد الأجنبية فى محل استخراجه، ليخف حمله فيكثر طالبوه، وقد بلغنى من بعض الثقات أن النطرون يوجد أيضا فى جهة الصالحية أقصى بلاد الشرقية من ديار مصر، لكنه قليل بالنسبة لهذا.
[مطلب وصف بعض الإفرنج لديور وادى النطرون]
ولما كان الفرنساوية بمصر، ساح كثير منهم فى أرجاء ديار مصر وأطرافها، وكتبوا ما رأوه فى سياحتهم، فمن ذلك ما ذكره بعضهم فى سياحته أن بقرب برك النطرون فى وادى سيتة آثار معمل الزجاج، وشاهد هناك الأفران، وقطعا كثيرة من الزجاج، ولم يعلم وقت بنائها، ولا فى أى زمن كانت مستعملة، وإنما يظن بسبب وجود المواد الأولية التى لم تدخل فى صناعة الزجاج، أن هذا المعمل استعمل ثم هجر مرارا، وأن فى وادى النطرون ديورا، منها ثلاثة شكل كل منها مربع مستطيل، والضلع الأكبر فى كل منها يختلف من ثمانية وتسعين مترا إلى مائة واثنين وأربعين مترا، والضلع الأصغر من ثمانية وخمسين إلى ثمانية وستين، والمساحة المتوسطة سبعة آلاف وخمسمائة وستون مترا مربعا، وارتفاع السور ثلاثة عشر مترا، وسمكه من أسفله متران ونصف، وبناء هذه الديور كان فى القرن الرابع من الميلاد، وهو بناء جيد، وفى أعلى السور طرق عرضها متر، يسترها ذروة بها خروق للمدافعة، ولكل دير باب واحد ضيق، ولا يزيد ارتفاعه عن متر ونحو ثلثى متر، وبابه الخشب سميك، ويقوى بترابيس من خشب داخلة فى الحائط، وجميعه مغطى بالحديد، وفى خارج كل باب حجران عظيمان يجعلونها سدا خلف باب الخشب، خوف هجوم العرب، وكانوا يحركونهما عند القفل أو الفتح بعتلة من حديد، وفوق الباب مسلحة بها خروق ينظر منها إلى ما وراء الباب وبقرب المسلحة ناقوس معلق به حبل طويل من الليف نازل إلى الأرض من خارج، فإذا جاء أحد يطلب الفتح حرك الحبل فيصيح الناقوس، وعادتهم