وشكل الجزيرة يشبه الساق، والثلاثة ارتفاعات-المرتفع كل منها بقدر عشرة أو أحد عشر مترا-شبه الكعب، والسمانة، والركبة، وأحدها يقع فى الشيخ الموازينى، والثانية فى المدرسة، والثالثة فى رأس التين والشعب/الممتد فى البحر بين برج السلسلة والجزيرة من جهة، وبين العجمى والجزيرة من الجهة الأخرى، فدل ذلك على أن هذه الجزيرة- والشعوب المذكورة-أصلها من الساحل، وانفصلت منه بحادثة حدثت فى الأزمان العتيقة.
وتكلم أميروس الشاعر على ما يتعلق بها قبل المسيح بعشرة قرون، وترجمة عبارة أميروس هى هذه:(هناك توجد مينا، منها تخرج السفن بعد أخذ الماء، وبينها وبين النيل يوم ملاحة، يعنى ٥٤٠ أستادة، لأن يوم الملاحة قدره هذا المقدار، وتطابق هذه المسافة الجزيرة وفم الفرع القانونى. وكانت فى الأيام العتيقة من أحسن المواضع وأجملها، وكان بها مواضع كثيرة للنزهة، وجهاتها نحو الشمال فيكون هواؤها أيام القيظ رطبا لطيفا، وبعضها متوجه جهة الجنوب، لسكن الشتاء، وكان بها بساتين كثيرة، فيها من جميع الفواكه، لكنها مشتهرة بالتين، ولذا كانت تسمى: روض التين، ويقى ذلك إلى أكثر من نصف القرن الثانى عشر، وكان يهاجر إليها فى كل سنة-زمن الخريف-الطير المعروف بالسمان، فتأخذ الناس منه كثيرا حتى اكتفى عن اللحم) اهـ ملخصا من كتاب (مالى).
ولا يعلم كيف كانت هذه البساتين، لأن أرض جميع جهاتها حجر، ولا بد أن بعض مبانيها كانت تردم بالطين المنقول كما يشاهد الآن.
[المنار القديم]
قال المقريزى فى خططه-نقلا عن المسعودى-: أما منارة الإسكندرية، فذهب الأكثرون من المصريين والإسكندرانيين-ممن عنى بأخبار بلدهم-إلى أن الإسكندر هو الذى بناها، ومنهم من رأى أن (دلوكة) الملكة بننها، ومنهم من رأى أن العاشر من فراعنة مصر هو الذى بناها. وقال: إن الذى بناها جعلها على كرسى من الزجاج، على هيئة السرطان فى جوف البحر، وعلى طرف اللسان الذى هو داخل فى البحر من البر.