ثم إن طول هذا الجامع على محوره الأكبر مائة وخمسون مترا، وارتفاع مئذنته الكبرى ثمانون مترا، وجميعه مركب على عقود من الحجر الصلب مع الإحكام، وأرضه فوق تلك العقود، وجميع لواوينه معقودة بالحجر الآلة مع غاية الارتفاع والاتساع، تشهد بلسان حالها للمهندسين بالمهارة. ومما يتعجب منه مدخله وعقد أحجار بابه، فإن الناظر لا يسأم من النظر فى تركيبها وتناسبها/وارتباط بعضها ببعض، وهو إلى الآن مقام بعض الشعائر وفى غاية المتانة لم يختل عن أصله، وزاد بهجة بإزالة ما حوله من المبانى القديمة التى كانت محيطة به من كل جهة، وبفتح الشارع الجديد الواصل إليه من جنينة الأزبكية، وبميدان المنشية ذى الأشجار المتناسقة والمياه النابعة المعروف بميدان محمد على، ويزداد بهجة بعمل الميدان المصمم على فتحه فى الجهة الغربية بجواره وبجوار جامع الرفاعى، فإن الجامعين يصيران بذلك مفصولين عما جاورهما من المبانى فيظهر حسنهما للرائى من كل جهة.
[جامع حسن باشا]
هذا المسجد بشارع بركة الفيل على يمين الذاهب من الصليبة إلى البركة. مكتوب على بابه البرانى: أنشأ هذا المسجد المبارك من فضل الله ﷾ أفندينا حسن باشا طاهر والأمير عبدين بيك غفر الله لهما سنة أربع وعشرين ومائتين وألف. وعلى بابه الداخل نقر فى الرخام: كان الفراغ من بنائه ونشوه فى شهر ذى الحجة المبارك من شهور سنة أربع وعشرين ومائتين وألف من الهجرة الشريفة النبوية. وهو مبنى من الحجر، وأعمدته من الرخام، وسقفه خشب بصنعة بلدية، وفيه منبر عظيم ودكة، وله صحن مسقوف بعضه وعليه درابزين من خشب، وأرضه مفروشة بالحجر، وفى وسطه حنفية عليها قبة، وعن شمال الداخل من الباب البرانى قبة بها ضريح مكتوب عليه فى لوح رخام: هذا مقام الأربعين والنازل بجوارهم أفندينا محمد باشا طاهر والأمير يوسف بيك رحمة الله تعالى عليهم أجمعين، وبجوار باب المسجد-فوق السلالم-باب يوصل إلى المنارة والمكتب والسبيل، وهناك جنينة لطيفة تسقى من ساقية المطهرة. وله عقارات بجواره موقوفة عليه وشعائره مقامة من إيرادها بنظام تام، وفيه بسط مفروشة، وهو تحت نظر سليم بيك فوزى بن إسماعيل بيك فوزى.