ألف دينار، ونقل إليها أبواب مدينة «واسط»، وبنى بها قصرا عظيما، فبين عمارتها وخرابها بالتتار خمسمائة سنة وعشر سنين.
[[سبب انهيار بغداد]]
وكان السبب فى قصد التتار إياها وتخريبها هو «مريد الدين العلقمى الرافضى» وزير المعتصم كما سبق، كان المعتصم ركن إليه وفوض إليه أمور دولته، فأهلك الحرث والنسل ولعب بالخليفة كيف أراد، وكاتب التتار وناصحهم وأطمعهم فى المجئ إلى العراق وأخذ بغداد وقطع الدولة العباسية ليقيم خليفة من آل على بن أبى طالب، فصار إذا جاءه خبر من التتار كتمه على الخليفة، ويطلعهم على أخبار الخليفة، وهم جائلون فى البلاد شرهم يتزايد والخليفة فى غفلة عما/يراد به، تائه فى لذاته، وكان أبوه المستنصر قد استكثر من الجند جدا، ومع ذلك يصانع التتار ويهاديهم، فأشار الوزير على المعتصم بقطع أكثر الجند، وأن المصانعة يحصل بها المقصود ففعل، ثم كاتب الوزير التتار وأطمعهم فى البلاد وكان حريصا على إزالة الدولة العباسية ونقلها إلى العلوية، وواعدوه أن يكون نائبا عنهم وقصدوا بغداد فكان ما ذكرنا بعضه، ثم ان «هلاكوقان» رحل عن بغداد وفوض أمرها إلى الأمير «بهادر» وأرسل إلى الملك «الناصر» صاحب دمشق ومصر كتابا صورته:
«يعلم سلطان ملك ناصر طال بقاه أنه لما توجهنا إلى العراق خرج إلينا جنودهم فقتلناهم بسيف الله، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدموها فكان قصارى كلامهم سببا لهلاك نفوس تستحق الإذلال، وأمّا ما كان من صاحب البلد فإنه خرج لخدمتنا ودخل تحت عبوديتنا، فسألناه عن أشياء فكذبنا فيها فاستحق الإعدام، وكان كذبه ظاهرا ووجدوا ما عملوا حاضرا، أجب ملك البسيطة ولا تقولن قلاعى المانعات ورجالى القاتلات، وقد بلغنا أن شذرة من العساكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة، أين المفر ولا مفر لهارب ولنا