ثم إن السلطان لما اختص بالأمير قوصون أنعم بهذا البستان عليه، فعمر تجاهه الزربية التى عرفت بزربية قوصون على النيل، وبنى الناس الدور الكثيرة هناك، سيما لما حفر الخليج الناصرى، فإن العمارة عظمت فيما بين هذا البستان والبحر، وفيما بينه وبين القاهرة ومصر، ثم إن هذا البستان خرب لتلاشى أحواله بعد قوصون، وحكرت أرضه، وبنى الناس فوقها الدور التى على يسرة من صعد القنطرة من جهة باب اللوق يريد الزربية، ثم لما خرب خط الزربية خرب ما عمر بأرض هذا البستان من الدور منذ سنة ست وثمانمائة والله تعالى أعلم. (انتهى). (قلت): وأرض الزربية محلها الآن الأرض الأرض المبنى فوقها وابور المياه وما جاورها إلى الشارع الكائن بحرى منزل مراد باشا، يحدّها شارع مصر العتيقة من جهة شارع باب اللوق من الجهة الأخرى وهذا الاسم باق لها إلى اليوم فى المكلفات وفى قوائم المسّاحين.
وذكر المقريزى فى الكلام علي ما بين بولاق ومنشأة المهرانى أنه كان يتصل بها عدة أخطاط منها خط فم الخور وخط حكر ابن الأثير وخط زربية قوصون وخط الميدان السلطانى وخط منشأة الكتبة، فأما خط فم الخور فكان فيه من المناظر الجليلة عدة تشرف على النيل، ومن ورائها البساتين، ويفصل بين البساتين والدور المطلة على النيل شارع مسلوك، وأنشئ هناك حمام وجامع وسوق، فصار خطا يعرف بخط فم الخور.
ثم لما أنشأ القاضى علاء الدين بن الأثير دارا على النيل. وكان إذ ذاك كاتب السر وبنى الناس بجواره، عرف ذلك الخط بحكر ابن الأثير، واتصلت العمارة من بولاق إلى فم الخور، ومن فم الخور إلى حكر ابن الأثير.
[[خط فم الخور]]
(قلت): وخط فم الخور محله الآن الأرض التى كان يعمل بها مولد النبى ﷺ الكائنة عن يمين المارّ بالشارع الموصل إلى بولاق، المجاور لبيت زينب هانم وهذه الأرض معروفة فى المكلفات بتل اليهودية وبتل سن إبرة، ولم أقف على سبب تسميتها بذلك، ولعلها كانت ملكا للوزير علم الدين عبد الوهاب بن الطنساوى المعروف بسن إبرة،
(*) هى عبارة عن مصاطب مدرجة مبنية على أعمدة، تتخذ للجلوس والاستمتاع بالهواء والمشاهدة على شاطئ النيل. انظر: رحلة عبد اللطيف البغدادى (الإفادة والاعتبار)، ص ١١٤، ط. القاهرة ١٩٩٨.