تلك الجهة مغررا، وضربت أخرى بجهة أخرى على الجواميس والبقر وبنى آدم تقتلهم، وتفسد الحرث والنسل، وأعمل الناس فى قتلهما كل حيلة، من نصب الحبال الوثيقة، وحشد الرجال بأصناف السلاح وغير ذلك فلم يجد شيئا، فاستدعى بنفر من المريس-صنف من السودان-زعموا أنهم يحسنون صيدها وأنها كثيرة عندهم ومعهم مزاريق فتوجهوا نحوهما فقتلوهما فى أقرب وقت وبأهون سعى، وأتوابهما إلى القاهرة فشاهدتها، فوجدت جلدها أسود أجرد ثخينا جدا، وطولها من رأسها إلى ذنبها عشر خطوات معتدلات، وهى فى غلظ الجاموس نحو ثلاث مرات، وكذلك رقبتها ورأسها، وفى مقدم فمها اثنا عشر نابا ستة من فوق وستة من أسفل، المتطرفة منها نصف ذراع زائد، والمتوسطة أنقص بقليل، وبعض الأنياب أربعة صفوف من الأسنان على خطوط مستقيمة فى طول الفم، فى كل صنف عشرة، كامثال بيض الدجاج المصطف صفان فى الأعلى، وصفان فى الأسفل على مقابلتهما، وإذا فغر فوها وسع شاة كبيرة، وذنبها فى طول نصف ذراع زائد، أصله غليظ وطرفه كالأصبع أجرد، كأنه عظم شبيه بذنب الورل، وأرجلها قصار طولها نحو ذراع وثلث، ولها شبه بخف البعير، إلا أنه مشقوق الأطراف بأربعة أقسام، وأرجلها فى غاية الغلظ، وجملة جثتها، كأنها مركب مكبوب، لعظم منظرها، وبالجملة هى أطول وأغلظ من الفيل إلا أن أرجلها أقصر من أرجل الفيل بكثير، ولكن فى غلظها أو أعظم منها.
ا. هـ.
[[مطلب حوادث دمياط فى القرن الثالث عشر]]
وفى حوادث سنة ألف ومائتين واثنتين، من تاريخ الجبرتى (١): أنه لما كان الوزير حسن باشا القبودان بمصر، تعدى النصارى على ثغر دمياط فى أواخر رمضان، وأخذوا منه اثنى عشر مركبا، وكان إسماعيل بيك الكبير يومئذ هو المنفرد بالكلية بمصر وبيده الحل والعقد واستوزر محمد أغا البارودى وجعله كتخداه.
(١) تاريخ الجبرتى، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٦٢ - ص ١٨٣.