للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما صارت إليه القاهرة بعد الفاطميين]

ما زالت الدولة الفاطمية حتى استقرت بمصر الدولة الأيوبية التى هى دولة الأكراد، وتولى الملك منهم بمصر ثمانية: أولهم السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب جلس على دست ملكها أول سنة سبع وستين وخمسمائة وآخرهم السلطان المعظم توران شاه كان آخر مدته فى الملك سنة ثمان وأربعين وستمائة. فمدة ملكهم اثنتان وثمانون سنة، منها للسلطان صلاح الدين اثنتان وعشرون سنة.

[مطلب جلوس السلطان صلاح الدين على دست المملكة]

ومن أول جلوسه على تختها، لم يأل جهدا فى العمائر والإصلاحات هو وخلفاؤه، مع قيام الحروب على قدم وساق بين المسلمين والنصارى، فى سواحل الشام، فإنه لما استقر على سرير المملكة، وأزال شعار الفاطميين، جدّ فى العمارات، خصوصا فى مصر والقاهرة، فأحدث فيهما عمارات جليلة أوجبت اتساعهما، وزيادة اعتبارهما، وأباح سكنى القاهرة للخاص والعام، فزادت فى الاتساع، وهدم حارات العبيد اللاتى فى موضعها اليوم الداوودية والقربية، وجعلها بستانا.

[[بناء قلعة الجبل]]

وبنى قلعة الجبل، لتكون له معقلا وحصنا يعتصم به من أعدائه، فإنه كان يحذر من شيعة الفاطمية، فاختار لها المحل الذى بنيت فيه، وأقام على عمارتها الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدى، فشرع فى بنائها، وبنى سور القاهرة فى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وهدم ما هنالك من المساجد، وأزال القبور، وهدم الأهرام الصغار التى كانت بالجيزة تجاه مصر، وكانت كثيرة العدد، ونقل حجارتها، وبنى بها السور والقلعة، وبنى قناطر الجيزة، لأجل سهولة نقل تلك الأحجار عليها. وقصد صلاح الدين أن يكون السور محيطا بالقاهرة والقلعة ومصر، فمات قبل أن يتم ذلك، فأهمل العمل إلى أن كانت سلطنة الملك الكامل محمد