للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجمة

[على باشا الجزايرلى]

وحوادث سنة ثمان عشرة ومائتين وألف

وفى حوادث سنة ثمان عشرة ومائتين وألف من الجبرتى (١):

أن على باشا الجزايرلى لما أتى واليا على مصر وجاء عن طريق البر على أراضى زفيتة قليوب، أحاط به المصريون والعرب وتحلقوا حوله وترصدوا لعساكره فكل من خرج عن الدائرة خطفوه ومن الحياة أعدموه، وتفصيل ذلك:

أن عليا باشا المذكور أصله من الجزائر، كان مملوكا لمحمد باشا حاكم الجزائر، ولما مات محمد باشا وتولى مكانه صهره أرسله بمراسلة إلى حسين قبطان باشا، فقلده قبطان باشا ولاية طرابلس وأعطاه فرمانات، فذهب إليها وجيش جيوشا ومراكب وأغار على متوليها-وهو أخو حموده باشا-شهورا حتى ملكها بمخامرة أهلها لعلمهم أنه متوليها من طرف الدولة. وهرب أخو حموده باشا إلى تونس عند أخيه، ثم استولى على باشا على طرابلس وأباحها لعساكره ففعلوا بها أفعالا قبيحة وفسقوا بأهلها ونهبوها، ثم أخذ أموال التجار والأعيان وفرض على أهلها الفرض، ثم أن واليها أولا-وهو أخو حموده باشا-جيش جيوشا وجمع جموعا ورجع إلى طرابلس وحاصره أشد المحاصرة، فلما رأى على باشا الغلبة على نفسه نزل إلى المراكب بما جمعه من الأموال والذخائر، وأخذ معه غلامين جميلين من أولاد الأعيان وهرب إلى إسكندرية ثم إلى مصر، والتجأ إلى مراد بيك فأكرمه وأنزله منزلا حسنا عنده بالجيزة وصار مختصا به،-وسبب مجيئه إلى مصر ولم يرجع إلى القبطان علمه أنه صار ممقوتا فى الدولة، لأن من قواعد دولة العثمانيين أنهم إذا أمروا أميرا فى ولاية ولم يفلح مقتوه وسلبوه وربما قتلوه-، ثم حج فى سنة سبع ومائتين وألف من القلزم، وأودع ذخائره عند رشوان كاشف-المعروف بكاشف الفيوم-، ثم لما كان بالحجاز ووصل الحجاج الطرابلسية ورأوه وصحبته الغلامان ذهبوا إلى أمير الحاج الشامى وعرفوه عنه وعن الغلامين وأنه يفعل بهما الفاحشة، فأرسل معهم جماعة من أتباعه


(١) تاريخ الجبرتى، ج ٣، ص ٢٥٣ - ٣٠٩.