وأما جهة اليسار فبها عطفة صغيرة تعرف بعطفة الحمام، ويقال لها عطفة حمام الغورية بداخلها حمام صغير بناه السلطان الغورى للعرائس من بنات الفقراء، وهو عامر إلى الآن يدخله الرجال والنساء، وفى حيازة مصطفى بيك الهجين، وقد تكلمنا عليه عند الكلام على الحمّامات من هذا الكتاب.
ثم بعد هذه العطفة وكالة كبيرة معدة لبيع الدهانات، ونظرها للأوقاف، ثم رأس شارع لوليه الذى ذكرناه عقب شارع التبليطة.
وبهذا الشارع أيضا سبيل وقف القاضى زين العابدين، وتحت نظر على مرزوق، وآخر بقرب زاوية الدردير. وتحت نظر السيد إبراهيم السلاوى.
وهذا وصف شارع الكعكيين الآن.
[مطلب وصف خطة الكعكيين فى الأزمان السالفة]
وأما فى الأزمان القديمة فكان هذا الشارع من ضمن حارة الديلم التى هى اليوم حارة خوشقدم. قال المقريزى: وكان به رحبة ابن مقبل، وكانت تعرف بخط بين المسجدين، لأن هناك مسجدين أحدهما يقابل الآخر. قال: ويسلك من هذه الرحبة إلى سويقة الباطلية، وعرفت أخيرا بالأمير زين الدين مقبل الرومى جاندار الملك الظاهر برقوق. (انتهى). وقال ابن أبى السرور البكرى: وهى الآن - يعنى فى القرن العاشر - تعرف برحبة الكعكيين، ويباع فيها من المأكولات ما لا حدّ له فى الكثرة، وفيها طبّاخون عندهم الأطعمة الفاخرة الرومية الشهية، وناس يعملون الكعك والشريك والبيض المقلى والقباوى وغير ذلك. (انتهى).
ومذكور فى كتاب وقفية إبراهيم أغا أغاة طائفة بلوك عزبان المؤرخ بسنة إحدى ومائة وألف أن هذا الخط يعرف بالكعكيين وكان به قاعة لتصفية الفضة. (انتهى).
(قلت): ويوجد بهذا الشارع إلى اليوم من الآثار القديمة حمام الجبيلى المذكور، وحمّام الغورى، وخوخة حسين التى ذكرها المقريزى، وهى بجوار جامع سيدى يحيى بن عقب، وقبو عظيم بجوار زاوية الدردير به دار كبيرة فى مقابلة الداخل منه، وهى موقوفة على عشرين من طلبة العلم المغاربة المجاورين بالجامع الأزهر برواق المغاربة، وكلما مات واحد يدخل بدله المستحق بالدور على حسب شرط الواقف.
وبه أيضا دار الصالح طلائع بن رزيك التى ذكرها المقريزى فى خططه، وهى بجوار خوخة الصالحية التى ذكرها وقال إنها بجوار حبس الديلم، وكانت تعرف بخوخة بكتين، وهو الأمير جمال الدين بكتين الظاهرى، ثم عرفت بخوخة الصالح لأن داره كانت بجوارها وكان بها سكنه قبل أن يلى الوزارة للخليفة الظافر، وهذه الخوخة هى العطفة المعروفة الآن