فعظمت سطوتها واتسعت دائرتها، وظهرت المملكة الإسلامية، وتسمى بالمملكة العربية، لا يسمع فيها مشرقا ومغربا غير التوحيد، وما يختص بدين الإسلام، وتألفت قلوبهم، وزال الشقاق والخلف من بينهم.
وفى السنة الثانية من الهجرة، حصل بينه-﵊-وبين قريش وقعة، كان لحزبه-﵊-فيها النصر من الله، ومع هذا، فكان عدد جنوده ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا، وعدد جنود الأعداء ألف رجل، ومعهم مائة فرس، وسبعمائة بعير، وبعدها دخل رسول الله-ﷺ-مكة المشرفة، وتمكنت قواعد الإسلام، وخضع المخالفون وانقادوا.
ومن عهدها أقبلت جميع القبائل المنتشرة فى أرض الحجاز، ودخلوا فى الإسلام، وكسرت عصىّ المخالفة، وصار الجميع تحت اللواء المحمدى، وكبرت عصابة الإسلام، وقويت شوكته، وسمع به فى أطراف البلاد المجاورة لأرض الحجاز.
[مطلب معاهدة قيصر]
وارتج تخت الرومانيين، وخاف القيصر (هير اقليوس) على بلاده من المسلمين، فتدارك الأمر، واجتهد فى استمالة الإسلام إلى معاهدته، وترك لهم جهة من الجهات، التابعة لحكومته من بلاد العرب-وكانت هذه الجهة تجنح للفرس-حتى أنها ساعدتهم عليه فى المحاربات، فأرسل النبى-﵊-لأمراء تلك الجهة رسوله يدعوهم إلى الإسلام، فقام من بينهم حاكم بوسترا، واتحد مع حاكم مدينة مؤتة، من مدن الشام خلف نهر الأردن، وقتلوا الرسول؛ فغضب النبى-ﷺ-لفعلهم،
[مطلب فى الوقائع التى جرت بين المسلمين والقياصرة]
وأرسل لهم ثلاثة آلاف مقاتل تحت إمرة مولاه زيد، وتقابلوا مع عساكر الرومانيين عند مدينة مؤتة المذكورة، وكانوا أكثر منهم عددا، والتطم الفريقان، وحصل بينهما مقاتلة