المذكور، وكان المار إلى عين شمس يسير عليه، ثم يسير فى الأرض الرملية التى بنيت عليها القاهرة، وهذه الأرض خلفها النيل أيضا، وكانت قبل ذلك مغمورة به، كما يستدل على ذلك من الموازين التى عملت بمعرفة ديوان الأشغال ومن الرسوبات التى تظهر عند حفر الآبار مثلا، فإنها عبارة عن طبقات رمل وطين من جنس ما يتخلف من البحر الآن. وبعد أن يفارق هذه الأرض الرملية يكون بين الجنائن الموجودة الآن خارج الحسينية، إلى أن يصل مدينة عين شمس، فكان من يقف بقرب باب القنطرة، يرى عن يمينه النيل ومدينة عين شمس فى وسط الأشجار، ويرى أمامه أم دنين على النيل، ويرى عن يساره بستان بطن البقرة فى أرض الأزبكية وما جاورها، وبساتين أخرى، ثم مدينة الفسطاط و [العسكر](١).
ويظهر مما تقدم أن النيل كان وقت الفتح الإسلامى عند قرية طرا كما هو الآن، ثم كان تحت جبل الرصد مدة من الزمان، ولما تخلفت عنه أرض المزارع بعد عنه وصار قريبا من آخر أرض البساتين كما هو الآن، وبعد ذلك كان تحت قصر الشمع وجامع عمرو وبقرب شارع السيوفية، ثم تحت قرية أم دنين، ومن هناك ينعطف إلى عين شمس.
ويؤخذ من قول المقريزى «إن من كان يقف عند قرية أم دنين يرى منية عقبة على شاطئ النيل الغربى»، أن النيل كان عظيم الاتساع خصوصا فى وقت الفيضان، وكانت سرعة جريه قليلة ضرورة بسبب هذا الاتساع فيما بين عين شمس وقصر الشمع، وتسبب عن هذا جزائر ورسوبات حدثت فى هذا الموضع، نشأت عنها البرك التى شاهدنا بعضها مثل: بركة البغالة، وبركة الفيل، وبركة أبى الشوارب، وغيرها. وفى زمن احتراق النيل كان يزرع ما حولها من الأراضى المرتفعة والبساتين التى ذكرها المقريزى فى خططه.
[مطلب الكلام على الخليج الكبير]
(١) فى الأصل: العساكر. والمثبت بين الحاصرتين هو الصحيح.